للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإنها قد تحذف وحدها وجوبا أو جوازا في مواضع معينة، وتبقى صلتها -كما سيجيء١- ومع حذفها في تلك المواضع تسبك مع صلتها الباقية مصدرا يعرب على حسب حالة الجملة، وقد حذفت سماعا في غير تلك المواضع، وبقيت صلتها أيضا، وهو حذف شاذ لا يصح القياس عليه، ومنه قولهم: وما راعني إلا يسير الركب، أي: إلا أن يسير الركب، والتقدير ... ما راعني إلا سير الركب، فالمصدر المؤول فاعل، ومثله: يفرحني يبرأ المريض، أي: أن يبرأ المريض والتقدير: يفرحني برء المريض، فالمصدر المنسبك فاعل، وهو نظير المسموع، وكلاهما لا يجوز القياس عليه، وإنما يذكر هنا لفهم المسموع الوارد في الكلام العربي القديم، دون محاكاته.

وقد دعاهم إلى تقدير "أن" حاجة الفعل الذي قبلها إلى فاعل، فيكون المصدر المنسبك منها ومن صلتها في محل رفع فاعلًا، ولولا هذا لكان الفاعل محذوفًا أو جملة: "يسير الركب - يبرأ المريض"، وكلاهما لا يرضى عنه النحاة، لمخالفته الأعم الأغلب.

وبهذه المناسبة نشير إلى أن الراجح الذي يلزمنا أتباعه اليوم يرفض أن تقع الجملة الفعلية أو الاسمية فاعلًا، وأما قوله تعالى في قصة يوسف: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّه} ، فالفاعل ضمير مستتر تقديره، "هو" عائد على المصدر المفهوم من الفعل، أي: بدا لهم بداء، أي: ظهور رأي، وهذا أحد المواضع التي يستتر فيها الضمير - كما سبق٢.

وهناك رأي يجيز وقوعها فاعلًا مطلقًا، ورأى ثالث يجيز وقوعها فاعلًا بشرط أن تكون فعلية معلقة٣ بفعل قلبي، وأداة التعليق الاستفهام؛ كقوله


١ في الجزء الرابع، باب "إعراب الفعل" حيث الكلام على النواصب ثم الجوازم ...
٢ جـ١ ص١٨١ م٢٠ عند الكلام على "مرجع الضمير".
٣ شرحنا في الباب الأول: "ظن وأخواتها" التعليق وأدواته، ص٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>