للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالفاعل في الأمثلة الثلاثة وأشباهها مجرور اللفظ، مرفوع المحل؛ بحيث لو جاء بعده تابع "كالعطف، أو غيره من التوابع الأربعة" لجاز في تابعه الرفع والجر؛ كما أسلفنا- ففي المثال الأول نقول: ما بقي من أنصار وأعوان١ للظالمين؛ بالجر والرفع في كلمة: "أعوان" المعطوفة، وفي المثال الثاني نقول: كفى بالحق والأخلاق ... يجر كلمة: "الأخلاق" ورفعها، وفي الثالث هيهات لتحقيق الأمل والفوز ... بجر كلمة: "الفوز" ورفعها٢.

ثانيها: أن يكون موجودًا -ظاهرًا، أو مستترًا- لأنه جزء أساسي ٣ في


١ إذا كان المعطوف معرفة والمعطوف عليه مجرورًا بمن الزائدة؛ مثل: ما بقي من أنصار والجنود ... ، وجب في المعطوف الرفع فقط - كما يقول النحاة - لأن "من" الزائدة لا تكون جارة زائدة - في الرأي الأغلب - إلا بشرطين - كما سيجيء في ص ٤٦٢ - أن تكون مسبوقة بنفي أو شبهه، وأن يكون المجرور بها نكرة، ولما كان المعطوف في حكم المعطوف عليه، ويعد معمولًا مثله لحرف الجر الزائد: "من" وجب عندهم أن يكون نكرة كالمعطوف عليه، فإن لم يكن مثله لم يصح أن يكون معمولا للحرف "من" فلا يصح فيه الجر، ويجب فيه الاقتصار على الرفع، وكذا إن كان المعطوف عليه نكرة وأداة العطف: "لكن" أو: "بل"؛ لأن المعطوف بهما بعد النفي والنهي يكون مثبتًا؛ فلا يصح جره؛ لأنه بمنزلة المجرور بالحرف "من" والمجرور به لابد أن يكون نكرة منفية.
"راجع إيضاح الكلام على: "بل" و"لكن" في ج١ ص ٤٤٣ م ٤٣، وفي باب العطف جزء ٣".
هذا تلخيص كلامهم، وهو مناقض لما يقولونه في مواضع مختلفة؛ من أنه يغتفر في الثواني "أي في التوابع وأشباهها" ما لا يغتفر في الأوائل -راجع البيان ص ٣٣٨ م ٨١، وله إشارة ٦٣٢- وبنوا على هذا أحكامًا كثيرة؛ فلا داعي هنا لخروجهم على ما قرره، وتشددهم وتضييقهم.
والرأي -عندي- تطبيق قاعدتهم السابقة على توابع الفاعل المجرور؛ فيجوز في توابعه الجر مطلقًا؛ مراعاة للفظ المجرور، والرفع مراعاة لمحله، وليس في هذا ضرر لفظي أو معنوي بل فيه تيسير، وتخفف، وتقليل للتفريغ.
٢ وإلى ما سبق يشير ابن مالك بقوله:
الفاعل الذي كمرفوعي: أتى ... زيد منيرًا وجهه، نعم الفتى
وقد اكتفى في تعريف الفاعل بذكر أمثلة مستوفية للشروط هي: أتى زيد ... فكلمة "زيد" فاعل للفعل المتصرف: "أتى" وكلمة: "وجه" فاعل للوصف المشبه للفعل؛ وهو: "منير" اسم فاعل، و"الفتى" فاعل للفعل الجامد: "نعم"؛ فقد عدد الفاعل تبعًا لأنواع العامل.
٣ الجزء الأساسي في الجملة، أو الأصيل، هو: الذي لا يمكن الاستغناء عنه في أداء معناها الأصلي، ويسميه النحاة: عمدة، ومنه: المبتدأ - الخبر - الفاعل - كثير من أنواع الفعل ...

<<  <  ج: ص:  >  >>