للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جـ- إذا لم يصلح المعنى على اعتبار الاسم التام فاعلًا أجريت التجربة على اعتباره مفعولًا به، وكذلك العكس إلى أن يستقيم.

وكالمثال السالف: أمكن المسافر السفر١، بنصب: "المسافر"، كما يدل على هذا الضابط السالف؛ لأنك تقول: أمكنني السفر؛ بمعنى: مكنني فاستطعته، ولا تقول: أمكنت السفر ...

والحق أن هذه المسالة التي عرض لها بعض النحاة لا تفهم بضابطهم٢، ولا يزول ما فيها من اشتباه إلا بفهم مفرداتها اللغوية، وقيام قرينة تدل على الفاعل والمفعول به، وتفرق بيانهما، أما ذلك الضابط وما يحتويه من فروض فلا يزيل شبهة، ولا يكشفها؛ لأنه قائم على أساس وضع اسم ظاهر مكان الناقص بشرط أن يكون من جنسه "حيوانًا عاقلًا، وغير عاقل - أو غير حيوان"، فكيف نختار هذا البديل من جنس الأصيل إذا كنا لا نعرف حقيقة ذلك الأصيل وجنسه؟ فمعرفة البديل متوقفة على معرفة الأصيل أولًا، ونحن إذا اهتدينا إلى معرفة الأصيل لم نكن بعده في حاجة إلى ذلك الضابط، وما يتطلبه من فروض لا تجدي شيئًا؛ ذلك أن الأصيل سيدل بمعناه في جملته على من فعل الفعل، فيعرف من وقع عليه الفعل تبعًا لذلك، ويزول الاشتباه، وإذًا لا حاجة إلى الضابط، ولا فائدة من استخدامه؛ لأن الغرض من استخدامه الكشف عن حقيقة الاسم الناقص، وهذا الكشف يتطلب اختيار اسم من جنسه ليحل محله. فكيف يمكن الاهتداء إلى اسم آخر من جنسه إذا كان الاسم الناقص مجهول الجنس لنا؟.

فمن الخير إهمال تلك المسألة بضابطها، وفروضه، والرجوع في فهم المثالين السابقين وأشباهما إلى فهم المعاني الصحيحة لمفرداتها اللغوية، والاعتماد بعد ذلك على القرائن، مع الفرار -جهد الطاقة- من استعمال تلك الأساليب الغامضة، هذا هو الطريق السديد، وعليه المعول.


١ الاسمان هنا تامان -وهي حالة قليلة بالنسبة للأولى.
٢ عبارة الضابط كما وردت عنهم هي: "أن تجعل في موضع التام إن كان مرفوعا ضمير المتكلم المرفوع، وإن كان منصوب ضميره المنصوب، وتبدل من الناقص اسما بمعناه في العقل وعدمه".

<<  <  ج: ص:  >  >>