للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب- عرفنا١ أن نائب الفاعل يكون مرفوعًا بأحد شيئين؛ الفعل المبني للمجهول، واسم المفعول، فهل يرتفع بالمصدر المؤول المسبوك في أصله من "أن"، والفعل المبني للمجهول؟ انتهى النحاة إلى أن الأصح جوازه بشرط أمن اللبس، ومن أمثلتهم: عجبت من أكل الطعام؛ بتنوين المصدر "أكل" ورفع كلمة: "الطعام" على اعتبارها نائب فاعل له، والأصل عندهم: عجبت من أن أكل الطعام، فلما سبك المصدر المؤول صارت كلمة: "الطعام" نائب فاعل له بعد سبكه.

فإن أوقع في السبك لبس لم يصح؛ نحو؛ عجبت من إهانة علي، إذا كان علي هو المهان، "والأصل: من أن أهين علي"، فيتعين أن يكون المصدر مضافًا و"علي"، هو المضاف إليه المجرور، وهو في محل نصب مفعول به، ولا يصح الرفع؛ لوقوع اللبس بسببه.

وكما صح رفع نائب الفاعل بالمصدر المؤول يصح أن يكون مجرورًا باعتباره مضافًا إليه، والمصدر هو المضاف، فيكون نائب الفاعل مجرورًا لفظًا -مرفوعًا محلًا؛ كما يجوز جعل ما أضيف إليه المصدر في محل نصب على المفعولية. والفاعل محذوف من غير نيابة شيء عنه.

أما على الرأي الذي يمنع المصدر المؤول من رفع نائب فاعل يتعين إضافة المصدر لما بعده ويكون ما بعده -وهو المضاف إليه- في محل نصب على المفعولية٢.

بالرغم من أن الأصح -عندهم- جوازه، فالأنسب اليوم عدم الالتجاء إليه؛ لأنه لا يكاد يخلو من غموض وثقل ينافيان الأساليب الناصعة العالية، وأسس البلاغة، وهذان أمران لهما اعتبارهما، ويزيدهما قوة ورجاحة خلو المراجع المتداولة من أمثلة مسموعة من فصحاء العرب تؤيده.

ج- في الفعل الثلاثي المعل العين، وفي غيره من الأفعال الماضية المبنية للمجهول لغات أخرى، أعرضنا عنها؛ لأنها لهجات متعددة، لقبائل متباينة لا نرى خيرًا في استعمالها اليوم؛ حرصًا على الإبانة والتوحد المفيد قدر الاستطاعة، ومنعًا للتشتت والتعدد في أهم وسيلة للتفاهم والإيضاح، وهي: اللغة.


١ في رقم ١ من هامش ص٩٧.
٢راجع: " الخضري، والصبان".

<<  <  ج: ص:  >  >>