للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما سبق " عند - ثم - مع ... وهذا النوع لا يصلح للنيابة عن الفاعل؛ لأنه كسابقه - لا يفيد الفائدة المطلوبة من الإسناد؛ ولأنه لا يصح إخراجه عن الحكم والضبط الذي استقر له وثبت في الكلام العربي المأثور؛ وهو النصب أو الجر الغالب بمن، فلا يقال: قرئ عند، ولا كتب ثم؛ ولا عرف مع١.

والمراد بالاختصاص هنا: أن يزاد على معنى الظرف معنى جديد آخر يكتسبه من كلمة تتصل به اتصالًا قويًا؛ ليزول الغموض والإبهام عن معناه، كأن يكون الظرف مضافًا؛ نحو: أذن وقت الصلاة - نودي ساعة البيع ... أو يكون موصوفًا؛ نحو: قضي شهر جميل في المصايف - قطع يوم كامل في السفر - أو يكون معرفًا٢؛ نحو: يحب اليوم؛ لأنه معتدل، أو غير ذلك مما يزيد معنى جديدا على الظرف، ويخرج معناه السابق من الإبهام والتجرد.

٤ وأما الجار مع مجروره فإن كان حرف الجر زائدًا - نحو: ما صودر من شيء - فلا خلاف أن النائب هو المجرور وحده - "وأنه مجرور لفظًا، مرفوع محلًا، فيجوز في التوابع مراعاة لفظه أو محله.

أما حرف الجر الأصلي مع مجروره - نحو: قعد في الحديقة الناضرة، فالصحيح أن الذي ينوب منهما عن الفاعل هو المجرور وحده ٣ "برغم أن الشائع


١ بعض النحاة يجير في مثل: جلس عندك - بإضافة الظرف إلى الضمير - أن يكون الظرف منصوبًا على الظرفية مع كونه في الوقت نفسه في محل رفع بالنيابة عن الفاع، ويجيز في قوله تعالى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ} ... وقوله: {وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} أن يكون الظرف في الآية الأولى منصوبًا على الظرفية في محل رفع فاعلًا، وأن يكون في الآية الثانية منصوبًا على الظرفية في محل رفع مبتدأ. وهذا غريب، والمشهور في الآيتين ونظائرهما مما يضاف فيه الظرف إلى المبني أن يبنى على الفتح جوازًا؛ فيكتسب البناء من المضاف إليه.
وفي هذه الحالة التي يبنى فيها على الفتح جوازًا تكون فتحته فتحة بناء، لا فتحة إعراب، فيكون مبنيا على الفتح في محل رفع، أو نصب، أو جر على حسب حاجة الجملة.
٢ ومنه التعريف بالعلمية؛ مثل: رمضان، للشهر المعروف، ومثل: "سحر" - في رأي - إذا جعل علمًا على سحر يوم معين عند القائلين بعلميته.
٣ فهو مجرور في الظاهر، ولكنه في المعنى والتقدير مرفوع، ولا يصح - في الرأي القوي - مراعاة هذا المعنى والتقدير في التوابع أو غيرها؛ فهو أمر ملاحظ عقليا فقط، ولا يجوز مراعاته أو تطبيق حكمه على غيره، شأنه في ذلك شأن المجرور بحرف جر أصلي بعد فعل لازم مبني للمعلوم؛ نحو: قعد الرجل في البيت، فإن كلمة: "البيت" مجرورة في اللفظ؛ لكنها في المعنى والتقدير منصوبة؛ لأنها بمنزلة المفعول به للفعل اللازم، ولا يصح في الرأي الأحسن مراعاة هذا النصب في التوابع أو غيرها؛ فنصبها التقديري أمر ملاحظ فيها عقليا، مقصور عليها وحدها؛ فالمجرور بحرف جر أصلي مع الفعل المبني للمجهول مرفوع "محلًا"، ورفعه هذا مقصور عليه، والمنصوب حمًا مع الفعل المبني للمعلوم منصوب محلًا، ونصبه هذا مقصور عليه؛ فكلاهما يشبه الآخر في حركة معنوية عقلية، مقصورة عليه وحده؛ لا يظهر لها أثر في غيره، "انظر رقم ١ من هامش ص ١٢٦ ثم رقم ٣ من هامش ١٥١ لأهميته حيث تجد رأيا آخر، وتعليقًا عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>