للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفعل - تجلب معها معنى جديدًا يساير الجملة، ويناسب الغرض، وعلى هذا الأساس وحده يقع الاختيار على وسيلة دون أختها؛ فالتي تصلح لمعنى لا تصلح لغيره في الغالب إلا إذا عرف عنها أنها قد تشابه غيرها في تأدية معناه، كحرف الجر الأصلي فإنه يؤدي ما تؤديه همزة النقل أحيانًا؛ نحو: أذهبت العصفور، وذهبت به ... وإليك الوسائل:

١- إدخال حرف الجر الأصلي المناسب للمعنى، على الاسم الذي يعتبر في الحكم - لا في "الاصطلاح" كما شرحنا أول هذا الباب، وكما يأتي هنا١ - مفعولا به معنويًا للفعل اللازم ٢، ليكون حرف الجر الأصلي مساعدًا على توصيل أثر الفعل إلى مفعوله المعنوي؛ فمثل: قعد - صاح - خرج - يقال في تعديته بحرف الجر: قعد المريض على السرير - صاح الجندي بالبوق - خرجت من القرية، فكلمة: السرير - البوق - القرية ... هي من الناحية المعنوية في حكم المفعول به، لوقوع أثر الفعل عليها، وإن كانت لا تسمى في "اصطلاح" النحاة مفعولًا به حقيقيًا ٣، ولا يجوز -في الرأي الأنسب- نصب شيء من توابعها ما دام حرف الجر الأصلي مذكورًا قبلها في الكلام "كما سبق وكما سيجيء"٤.

وقد وردت أمثلة قليلة مسموعة عن العرب، حذف فيها حرف الجر، ونصب مجروره بعد حذفه؛ منها: "تمرون الديار" بدلًا من: تمرون بالديار، ومنها: "توجهت مكة، وذهبت الشام"، بدلًا من: توجهت إلى مكة، وذهبت إلى الشام ... ، فهذه كلمات منصوبة على نزع الخافض٥، كما يقول


١ التعدية بحرف الجر ليست مقصورة على الثلاثي اللازم؛ وإنما تشمله وتشمل المتعدي لواحد أو أكثر؛ فإنه يتعدى لغيره بالجار أيضًا -كما أشار إليه "الصبان"، ونص عليه "الخضري" صراحة في أول هذا الباب.
٢، ٣؛ لأن "المفعول به" الحقيقي عندهم؛ هو الذي يقع عليه الأثر مباشرة بدون
مساعدة، لذا يسمون التعدية بحرف الجر: "تعدية غير مباشرة"؛ لأنها جاءت نتيجة معاونة قدمت للفعل اللازم، ولم يستطع التعدية إلا بهذه المعاونة.
٤ راجع رقم ٣ من هامش ص ١١٧؛ ثم "ب" ص ١٢٥ م ٦٩ ثم ٣ من هامش ص ١٥١، ثم في ص ٤٣٩ ورقم ٢ من هامشها.
٥ أي: عند نزعه من مكانه، والمراد: عند حذفه، وفي هذه الحالة تسمى أفعالها: متعدية مما يسمى: "الحذف والإيصال" أو: "بنزع الخافض"، -وهذا نوع من الأول- أما مع وجود حرف الجر فتسمى: متعدية بالحرف؛ كما سبق.
ولزع الخافض بيان مجيء في "أ" من رقم ٥ من بهامش ص ١٦١، وإشارة في رقم ٣ من هامش ص ٤٩٢، عند الكلام على حذف حرف الجر.
هذا، ويلاحظ أن الكلام هنا وفي ص ١٩١ على حذف الجار مع بقاء مجروره يختلف في حكمه عن حكم حذف الجار مع مجروره، وسيجيء في ص ٥٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>