للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجر التي تفيد التعليل؛ وأوضحها١: "اللام – ثم: في، والباء، ومن"، والأمثلة السالفة توضح أمر النصب والجر باللام، ومن الممكن حذف اللام من تلك الأمثلة، ووضع حرف جر آخر من حروف التعليل مكانها – لكنه في جميع حالات جره لا يعرب – اصطلاحًا – مفعولًا لأجله، وإنما يعرب جارًا ومجرورًا متعلقًا بعامله، وهذا برغم استيفائه الشروط، وبرغم أن معناه في حالتي نصبه وجره لا يختلف١.

ومع أن النصب والجر جائزان، والمعنى فيهما لا يختلف – هما ليسا في درجة واحدة من القوة والحسن؛ فإن نصب المجرد أفضل من جره، لشيوع النصب فيه، ولتوجيهه الذهن مباشرة إلى أن الكلمة: "مفعول لأجله"، وجر المقترن "بأل" أكثر من نصبه، أما المضاف فالنصب والجر فيه سيان، "وقد تقدمت الأمثلة للأنواع الثلاثة".

فإن فقط شرط من الأربعة٢ لم يجز تسميته مفعولًا لأجله، ولا نصبه على هذا الاعتبار؛ وإنما يجب جره بحرف من حروف التعليل السابقة، إلا عند فقد التعليل؛ فإنه لا يجوز جره بحرف من هذه الحروف الدالة على التعليل؛ منعًا للتناقض.


١ من أمثلة "في" التي لبيان السبب "أي: للتعليل" قوله عليه السلام: "دخلت امرأة النار في هرة حبستها" ... أي: بسبب هرة، ومن أمثلة الباء التي لبيان السبب قوله تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُم} ، أي: بسبب ظلم.
ومن أمثلة "من" الدالة على بيان السبب قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} أي: بسبب إملاق: "فقر".
وسيجيء البيان التام عن هذه الأحرف مع نظائرها من حروف الجر، في الباب الخاص بها، آخر هذا الجزء ص ٤٥٨.
٢ و ٢ يرى بعض النحاة أن المفعول لأجله حين يكون منصوبًا، لا يكون منصوبًا بالعامل الذي قبله؛ وإنما يكون منصوبًا على نزع الخافض "أي: عند نزعه من مكانه، وحذفه؛ كما تقدم في رقم ٤ من هامش ص ١٧١ من باب: تعدي الفعل ولزومه"، ولا داعي للأخذ بهذا الرأي؛ لما فيه من تكلف وتعقيد بغير فائدة، وحمل على مذهب ضعيف، مردود – طبقًا للبيان السابق في ص ١٥٩ و ١٧١ وما بعدهما، ومثله الآراء الأخرى التي تزيد بعض الشروط أو تنقص، ومن الزيادة أن يكون المفعول لأجله "قلبيًا"؛ لأن هذا الشرط مفهوم من شرط آخر، "هو: التعليل؛ إذ التعليل –غالبًا– يكون بأمور قلبية معنوية، لا بأمور حسية من أفعال الجوارح، ويفهم أيضًا من باقي الشروط ...

<<  <  ج: ص:  >  >>