للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- ومن أحكامه أنه يجوز حذفه لدليل يدل عليه عند الحذف؛ كأن يقال: "إن الله أهل للشكر الدائم؛ فاعبده شكرًا، وأطعه"، والتقدير: أطعه شكرًا؛ فحذف الثاني لدلالة الأول عليه، ومثل: "إن الضيف الذي سيزورنا جدير أن نظهر له التكريم في كل حركاتنا؛ فنقف تكريمًا، ونتقدم عند قدومه تكريمًا، ونصافحه ... "، أي: نصافحه تكريمًا، ومثل هذا ما سبق من قول ابن مالك: "جد شكرًا ودن ... ".


= هذا قنع زهدًا؛ فيصح: هذا قنع لزهد، وانتقل بعد ذلك لبيان درجة النصب والجر من القوة البلاغية عند دخولهما في أقسام المفعول لأجله، فقال:
وقل أن يصحبها المجرد ... والعكس في مصحوب "أل" وأنشدوا:
لا أقعد الجبن عن الهيجاء ... ولو توالت زمر الأعداء
"قل أن يصحبها: أي: يصحب الحرف، وأنثه باعتباره: كلمة، ويجوز التذكير باعتبار أنه حرف"، فدخول حرف الجر على المجرد من "أل والإضافة" قليل، ودخوله كثير على المقرون بأل؛ مثل قول الشاعر القديم: لا أقعد الجبن عن الهيجاء ... " أي: لا أقعد عن الهيجاء الجبن، يريد: للجبن، أي: بسبب الجبن".
ولم يتعرض ابن مالك للمضاف، وكلامه السابق بشعر بالحكم، وهو أن النصب والجر سيان، إذ بين أن أحد الثلاثة يكثر فيه النصب دون الجر، وأن واحدًا آخر يكثر فيه الجر دون النصب، وسكت عن الثالث، فالسكوت في هذه الحالة قد يوحي بجواز الأمرين على التساوي.
١ من أمثلة حذفه – قوله تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} .
والأصل: كراهة أن تضلوا، أي: كراهة ضلاكم؛ فالمصدر المؤول مفعول له – كما نص على ذلك صاحب: "المغني" عند الكلام على الحرف: لا.
والمفهوم أن المفعول لأجله "وهو كلمة: كراهة" مضاف إلى المصدر المؤول بعدها، ثم حذف المضاف؛ فقام المضاف إليه مقامه، وأعرب إعرابه –ومثل هذا يقال في المصدر المؤول في الآية الكريمة التالية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} .
أي: كراهة حبوط أعمالكم – في فسادها وضياع قيمتها – وكالذي في الآية التالية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>