للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

زيادة وتفصيل:

أ- عرفنا١ "المبهم" من ظروف المكان، وأنه يشمل أنواعًا منها: "الجهات الست"، وقد ألحقوا بهذه الجهات ألفاظًا أخرى، منها: "عند – لدى – وسط – بين – إزاء – حذاء ... "، واختلفوا في مثل٢: "داخل – خارج – ظاهر – باطن – جوف الدار – جانب"، وما بمعناه "مثل: جهة – وجه – كنف" في مثل: قابلته داخل المدينة أو خارجها، أو ظاهرها ... ؛ فكثير من النحاة يمنع نصب هذه الكلمات على الظرفية المكانية؛ لعدم إبهامها، ويوجب جرها بالحرف: "في"، وفريق يجيز، ويرى أن هذا هو الأوجه٣، لما فيه من تيسير؛ لأن تلك الكلمات الدالة على المكان لا تخلو من إبهام، فهي شبيهة بالمبهم، وملحقة به.

وكان الجدير بكل فريق أن يستند في تأييد رأيه على موقفه من كثرة المسموع المأثور، ويعتمد عليه وحده في الاستدلال، واستنباط الحكم، فمن نصره السماع الكثير فرأيه هو الأقوى، دون غيره، ولكنهم لم يفعلوا، ومن ثم يكون الرأي المجيز أولى بالاتباع، وإن كانت المبالغة في الدقة والحرص على سلامة الأسلوب وسموه تقتضي البعد عن الخلاف باستعمال الحرف "في"؛ لاتفاق الفريقين على صحة مجيئه؛ فيجري التعبير اللغوي على سنن موحد.

ب- من أنواع الظرف ما يكون مؤسسًا، وما يكون مؤكدًا، فالمؤسس هو الذي يفيد زمانًا أو مكانًا جديدًا لا يفهم من عامله؛ نحو: صفًا الجو اليوم، فقضيته حول المياه المتدفقة، وبين الأزاهر والرياحين، فكل واحد من الظروف: "اليوم – حول – بين ... " يسمى: "ظرفًا مؤسسا، أو تأسيسيًا"؛ لأنه أسس أي: أنشأ معنى جديدًا لا يفهم من الجملة بغير وجود هذا الظرف.


١ في ص ٢٥٣.
٢ من كل خما لا يدل على حقيقته بنفسه، وإنما تعرف حقيقته بما تضاف إليه؛ مثل: مكان – ناحية – أمام – وراء – جهة ... فيقال مثلًا: مكان علي – ناحية محمود ...
٣ راجع حاشية الخضري، باب: "الظرف" ج١، ففيها تلخيص الرأيين، وبيان الأوجه منهما، وأنه المفهوم من كلام صاحب "الهمع" في هذا الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>