للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وللمؤمنين) (١) أيها المؤمنون أين ما وعدكم الله به من العزة أتشكون في وعد الله؟ والله لا يخلف الوعد، المسلم يعبد ربه بظاهره وباطنه ويجاهد في سبيل الله بسيفه وقلمه ولسانه لإعلاء كلمه الله وينفق في الخير ماله ابتغاء وجه الله، إن يعمل يعمل لله، أو يتكلم يتكلم بالحق وإن أضر نفسه فعال منفاق مصداق.

المسلمون في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى كلمتهم واحدة ومهمتهم واحدة وجهادهم لله وقتالهم في سبيل الله من افتقر عانوه ومن حضر عدوه ومن غاب افتقدوه، ومن مات شيعوه، ومن مرض عادوه وبالدين تكون سعادة المسلمين، ولما تفرقوا شيعا وأحزابا واختلفوا مذاهب ونحلا وتباينوا أهواء وسبلا، وملأوا المجالس جدالا ذهب سلطانهم، وضعف كيانهم، وصغر شأنهم وتداعت عليهم الأمم، وكذلك العذاب، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون.

اليوم الذي تخلى فيه العالم الاسلامي عن الدين والأخلاق تغلت عنه السعادة وتاهت به الحياة في مجال القلق، ومتاهات الحيرة، ومجالات الشك والاضطراب، القعر الحقيقي ليس هو فقر المال ولا الاوراق المالية، وإنما هو فقر الكرامة والأخلاق، فقر الانسانية، فقر الصفات والشمائل والمحامد والعلم.

أزمة المسلمين ليست أزمة الاقتصاد والسياسة والمال، الأزمة في الواقع أزمة الرجال، أزمة الضمير، أزمة الخلق، أزمة الدين، أزمة الوعي والنضج والرشد، أزمة الأخلاق أزمة العقيدة، أزمة المثل العليا، أزمة المبادئ والقيم والمعاني والمفاهيم، أزمة الأمانة والواجب والنصيحة، أزمة الضمير والايمان، فهذه الأزمات كلها ناشئة عن عدم اهتمام المسلمين بأمور الدين وجهلهم به.

الاسلام جاء ليجمع القلب الى القلب، ويضم الصف الى الصف، جاء ليكون مجتمعا راقيا من عوامل الفرقة والضعف المعنوي والمادي وأسباب الفشل والهزيمة، حتى يصل الى المقاصد السامية والأهداف النبيلة التي جاءت بها رسالة سيدنا


(١) سورة المنافقين

<<  <   >  >>