التشريح يرون فيه من احكام التركيب ومن اتقان الصنعة في مختلف الاجهزة الجسدية وفي مفردات هذه الاجهزة ما يضطرهم اضطرار الى السجود لرب هذا التنسيق والترتيب والإبداع لو كانوا يفقهون، وليس علم التشريح وحده هو الذى يبهر العالم المتبحر فيه، وكذلك علم الفلك يبهر العالم الفلكي، ويبهر علم الأحياء عالم الأحياء، وهكذا نجد انبهار النفس في كل ميدان من ميادين المعرفة الكونية أرضها وسمائها وما بينهما. إن العلم النافع هو أهم مطلب في هذه الحياة، وأجل مقصد في الوجود، فالعلماء هم الذين يضيئون مسالك الحياة ويسيرون بالناس قدما الى السمو والكمال، طلب العلم في الاسلام ليس نافلة ولا أمرا كماليا، وأنما هو فرض وضروري.
العلم الصحيح هو دليل اليقين الثابت، ووسيلة الخلق الفاضلة، وكلما ازداد الانسان علما ازداد اعتقادا بالله واستقامة ومعرفة في الحلال والحرام ويصير قادرا على قيادة نفسه وضبطها وتهذيبها يقول الله سبحانه وتعالى في حق العلماء الصادقين (شهد الله أنه لا اله الا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم)(١) وصل هؤلاء العلماء الربانيون الى هذه الدرجة عن طريق العلم الذى يثمر الخشية، والى التوحيد الحقيقي، والتوحيد هو سمة الدين الإسلامي وسمة المتدين الصادق.
يشهد علماء التوحيد مع الله، ومع الملائكة الأطهار ان الله واحد في ملكه لا شريك له، وهذا أسمى ما يمكن أن يصل إليه العلماء من تكريم الله لهم بحيث قرنهم مع الملائكة المقربين في شهادة التوحيد، وشهادة التوحيد أقصى ما يمكن أن يسير اليه السالك في معراجه الى الله سبحانه وتعالى وهى لا تتحقق الا في العلماء المؤمنين العاملين، ان شهادة التوحيد قد وجه الله إليها الأنظار بأساليب شتى، وهذه الأساليب ما لا يقدرها في روعتها الرائعة الا العلماء العاملون قال الله سبحانه وتعالى: (قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى الله خير أما تشركون أمن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق