الجيش، وكان أجل وأبرز أعدائنا في الجزائر واذا كان قد فشل في بناء إمبراطورية اسلامية واسعة، فليس مرد ذلك كله الى مناهضتنا اياه، بل كان السبب تفرق المسلمين عنه، وعدم اتحادهم تحت لوائه لحرمانهم من الشعور الوطني والقومي، وتفرقهم هذا كان له أوفى نصيب في سبب فشله (انتهى (.
بايعت الأمة الجزائرية الامير بن شيخ طريقة القادرية واضطلع بالمسئولية الكبرى التي أنيطت به فأخذ يعد العدة اللازمة لمواجهة العدو ومنازلته، فبدأ يجمع الأعراش والقبائل ليكون منهم جيشا منظما يدافع عن الوطن، وكان يحث على الجهاد والصبر، فنفرت الأمة الى ميادين القتال والمعارك واستجابت الى ندائه ودعوته، واستطاع الامير أن يجمع قبائل وهران وقبائل تيتري، وقضى على جماعة التيجانية الذين كانوا يوالون الفرنسيين ونظم البلاد تنظيما إداريا، وكان جيشه منظما ومدربا على فنون الحرب والقتال، وعدده إحدى عشر ألف جندي ما بين راجل وفارس، وأنشأ مصنعا لصنع المدافع وآخر لصنع البارود، وبنى حصونا وأقلعة على حدود بلاد القبائل التي كان يخشى انتفاضها ضده، ووحد منافسين له انحازوا الى صفوف العدو رغبه منهم في التوصل الى مطامعهم الشخصية.
الشعب كان لا يعرف ما يدور في الجو السياسي لولا دعاية الأمير، ولما علم بدخول جيش أجنبي الى ترابه، وتمركز في السواحل، وفي العواصم الكبرى، وانهزام الحكومة المركزية أمام جيوش الاحتلال هب من نومه هبوب العاصفة لإنقاذ بلاده من شر هؤلاء الغزاة، انظم الى المقاومة المنظمة التي كانت تحت إشراف الأمير عبد القادر، فاستنزف هذا الشعب كلما كان له من ثروات مادية وطاقات بشرية لم يكن الاحتلال بالأمر السهل، ومن الغرابة أن يجرد شعب من وطنه، ومن ثرواته المادية والروحية ويبقى مكتوف الأيدي لا يدافع عن نفسه خصوصا اذا كان شعب أبى لا ينام على ضيم يحب الحرية والاستقلال حريصا على كرامته وشرفه كالشعب الجزائري.