واتخذ الشيخ العربي التبسي مدينة تبسة مقرا لدروسه الاصلاحية، وأنشأ مسجدا ومعهدا لتعليم الطلبة الكبار ومدرسة للأطفال لتعليم اللغة العربية وتحفيظ القرآن، وكان ينشر الاسلام في تلك النواحي الفيحاء وتمركز الداعية الكبير الشيخ الطيب العقبي في عاصمة الوطن، واتخذ نادى الترقي مركزا لدعوته ومحاضرته ودروسه الاصلاحية، وحل المؤرخ الجليل الشيخ مبارك الميلي عاصمة الجنوب - الأغواط - وكان داعية للإسلام في تلك النواحي، وله تآليف جليلة منها تاريخ الجزائر، والشرك ومظاهره، وكذلك بقيت الأعضاء الآخرين، كل واحد منهم اتخذ ناحية ينشر فيها الاصلاح والتعليم، ويحارب البدع والخرافات، وكل عضو من أعضاء هذه الجمعية المحترمة كان يجول في دائرته ويعقد اجتماعات يوجه فيها الأمة الى الدين، فسرعان ما اقبلت على هذه المعاهد السلفية لترتوي من منابعها الصافية وكانت الجمعية تعقد اجتماعات عامة وخاصة سنويا في العاصمة، فالاجتماع العام يحضره جمع غفير من الناس من كل ناحية من نواحي الوطن، يقدم فيه رئيس الجمعية أعمالها التي أنجزتها في بحر السنة الماضية بالتفصيل، ويطلعهم على الأعمال التي تكون في المستقبل فيعاهدون بعضهم بعضا ويجددون العزم على مواصلة السير الى الأمام - ... ومن بعد تحضر الجماهير الغفيرة الى الحفلة العامة التي تقيمها الجمعية ليتكلم فيها الخطباء والشعراء، فكان الحاضرون يسمعون البيان العربي يتدفق من ينبوعه صافيا، فيثير هؤلاء الخطباء حماس الجماهير بفصاحتهم ويتأثرون بكلامهم ونصائحهم، فكان هذا الاجتماع أشبه شيء بسوق عكاظ في الجاهلية.
سادت هذه الحركة الدينية القطر كاملا حتى أصبح المدرسون في كل ناحية يفتحون المدارس والنوادي ويؤسسون الجمعيات ويحثون الأمة على التمسك بالدين الحنيف والرجوع الى العمل به لتعيد مجدها وعزها، وكانت مقالات الارشاد والتوجيه الصحيح تنشر على صفحات جرائد الجمعية وتفضح أعمال المستعمر ... صادفت هذه الحركة الاصلاحية ميلا في النفوس،