والأشجار وحرق صابات القمح وأدوات الفلاحة، ونسف مساكنهم ومراقبة الطرق، وتفتيش السيارات والحافلات وحرقها في بعض الأحيان اذا كان صاحبها لم يدفع الاعانة الى الثورة، ولم يمتثل للأوامر التي أعطيت له، وخطف بعض الشخصيات من غلاة المعمرين، أو من أعوان الحكومة من الذين يزعمون مسلمين، أو الخونة من منازلهم، فينفذون فيهم العقاب حالا، وكانوا يشنون الغارة الشعواء على المدن في الليل، فيطلقون الرصاص على الثكنات ومراكز الحكومة، وأحيانا يصطدم جيش التحرير مع الجيش الفرنسي في اشتباكات دامية لكن سرعان ما ينسحب جيش التحرير من ميدان المعركة بعد ما يضربون ضربتهم، واذا حصروا فيخرقون الحصار المضروب عليهم ويفلتون منه، لأنهم غير متكافئين في السلاح مع الجيش الفرنسي. دب الذعر في المناطق التي انتشرت فيها الثورة، فكثر فيها القتل، وتعطل كثير من المصالح الإدارية، وأصبح المسافر الى هذه النواحي يخشى على حياته رغم الجيش الفرنسي المنتشر فيها، من الثورة استفحلت فيها، وتفاقم أمرهما، وأخدت في الانتشار بسرعة مدهشة في نواحي الوطن، واشتهرت في العالم، فكان الأحرار منه يكتبون عنها المقالات الضافية، ويحثون الحكومة الفرنسية على منح هذا الشعب الاستقلال، والمفاهمة معه قبل فوات الأوان، وكانت محطات العالم العربي تشيد بموافق المجاهدين في الحرب، وتثنى على شجاعتهم وبسالتهم، هذه الأخبار كانت تتنزل على قلوب الشعب بردا وسلاما، وتزيده حماسا واستمساكا بقضيته العادلة.
توسعت جبهة التحرير الوطني في الحرب، وذلك بفضل السلاح الذى كانت تستورده من مصر وغيرها الى تونس، ثم الى الجزائر، وظلت هذه طريقه الوحيد مدة الثورة بخلاف السلاح الذى كان يأتي عن طريق البحر، فكانت المراكب البحرية تأتى به من أوربا، وتفرغ شحناتها على شواطئ الجزائر، كان الأسطول الفرنسي يحرس شواطئ البحر الأبيض ويفتش المراكب التي تقترب من المياه الاقليمية، وصادر كثيرا منها.