أرادت جبهه التحرير أن تبرهن على اتحادها مع المغرب، وتربط حركة النضال الجزائري بالحركة الوطنية في الشمال الافريقي، فأظهرت التضامن والاتحاد في الذكرى الثانية لعزل جلالة محمد الخامس رحمه الله عن عرشه وذلك يوم ٢٠ أوت سنة ١٩٥٥ م، فشنت هجوما على المدن والقرى الواقعة شمال قسنطينة مثل عين أعبيد، وسكيكدة، وعنابة، وغيرها من بقية المدن الأخرى.
ثارت هذه النواحي كلها على المعمرين من الفرنسيين القاطنين في هذه الجهة فقتلوا وخربوا كلما وصلت اليه أيديهم، ويقدر عدد القتلى من المعمرين بحوالي واحد وسبعين قتيلا ...
هالت هذه الحوادث السلطة الفرنسية وأزعجتها، فانتقمت من سكان هذه المناطق شر انتقام، فهجم الجيش الفرنسي على الدواوير والقبائل، ففتك بالعجزة والضعفاء والأبرياء فتكا شنيعا، فكان يحرق الدواوير بما فيها ويتبع السكان الهاربين الى قمم الجبال، والمختفيين في بطون الأودية، ويأتون بهم في شاحنات فيجمعهم في مكان واحد ويطلقون عليهم النار.
ورغم هذا العذاب والتقتيل ضاعف سكان هذه المناطق من نشاطهم الحربي، وصاروا يتسابقون الى الجهاد في سبيل الله رجالا ونساء وكانوا يقدمون أموالهم الى الثورة قياما بواجب الوطن وحقوقه المقدسة وفي أيلول سنة ١٩٥٥م أصدرت جبهة التحرير منشورا الى نواب المسلمين على اختلاف مجالسهم بأن يقدموا تسليماتهم من هذه المجالس لكي لا يتركوا للحكومة الفرنسية أي وسيلة تتذرع بها ...
فبهذا التسليم قطع الشعب صلته بالحكومة، وأصبحت جبهة التحرير الوطني تمثل الأمة تمثيلا حقيقيا، وبهذا التسليم انحل المجلس الوطني الجزائري الذى أسس من بعد الحرب العالمية الثانية.
أصبحت الهيئات والمنظمات الوطنية تذوب في الثورة، مثل النواب الذين نظموا هيئة وطنية، وطالبت من الحكومة الفرنسية