الاستعمار الغربي الى القارة الافريقية حتى سقطت في قبضته كلها.
استقلال الجزائر معناه استقلال القارة السوداء، ولهذا لما هبت شعوب هذه القارة لتحرير بلدانها وجدت الاستعمار محطما منهوك القوى بسبب ثورة الجزائر العارمة، فنالت هذه القارة استقلالها بدون إراقة الدماء وبدون صعوبة تذكر.
ثورة الجزائر الكبرى قضت على طغيان الجيش الفرنسي، وعلى نظام جنرالاته، وعلى جميع السفاكين والمتعطشين للدماء، والمتجبرين والمتحكمين في رقاب العباد فلقنتهم درسا قاسيا، فجعلتهم ينسحبون من القارة السوداء بدون حرب ...
وكان ضباط فرنسا أمثال ماسو، وسالان، وشال ومن لف لفهم يخوضون منذ عشرين سنة غمار حرب ضروس في العالم عساهم أن يحرزوا على نصر ما ولذا كانوا يحاربون الشعب الجزائري الأعزل بأقوى قوة، وأكبر عتاد حرب وأضخم جيش مما كان عليه أيام حربهم مع ألمانيا، وفي حربهم مع الجزائر كانوا يستعملون هذه العبارة (كفانا إهانة ... كفانا استسلاما (ولكن أنى لهم الانتصار، والشعب الجزائري قد استيقظ من سباته، وبدأ ثورته باسم الله، ووقف بكل عزم وصلابة في وجه جبروت الاستعمار موقف رجل واحد ... لم يكن أحد يعلم أو يظن على الأقل أن الثورة ستصل الى ما وصلت اليه من القوة حتى انتصرت على أعظم جيش استعماري في العالم، وأرغمته على تغيير نظامه الذى كان يستعبد به الشعوب، ولا أحد كان يظن أن الاستماتة التي أبداها كل من الطرفين المتحاربين في سبيل إحراز النصر لا السياسيون المحنكون حتى قادة الثورة انفسهم كانوا يجهلون عما تسفر عنه الثورة من الأحداث الجسام رغم تخطيطهم لها، وتقديرهم للخسائر التي تنتج عنها، والأهداف التي تصل إليها ...
وكذلك الحكومة الفرنسية لم تكن في يوم من الأيام تتكهن بهذه الصعوبات التي لاقتها في هذه الثورة الا أنها تدرك ما ينطوي عليه الشعب الجزائري من طاقات حية على حسب مواقفها