وقبل كل شيء، ومن ثم يعطى لهم شيء ما تحت الحكم الفرنسي، أما المفاوضة الند للند ففيه إهانة فلا يرضى بها الجيش أبدا.
هذه طبيعة المعمرين إنهم لا يريدون التفاهم مع غيرهم أبدا ولم يتعظوا بما وقع لهم بالهند الصينية ولا بالمغرب العربي ...
ولم تكن هذه المرة الأولى يتمرد فيها المعمرون على الحكومة المركزية خلال الثورة الجزائرية فقد حدث في يوم ٦ فبراير ١٩٥٦ م أن ثار المعمرون على الحكومة الاشتراكية وأجبروا رئيسها على تبديل الوالي العام الذى عينه للجزائر وهو الجنرال كاترو محتجين بأنه اشترك منذ قليل في المفاوضات التي أدت الى دعوة محمد الخامس الى الحكم في المملكة المغربية ...
ولما تمت المؤامرة، واتفق المعمرون مع قادة الجيش المحارب في الجزائر على الانقلاب لكي يتخلصوا من حكم اليسريين التقدميين الذين يريدون مسايرة الظروف والتطورات العامة.
وبعد ما اتفقوا على الشخصية التي تتولى الحكم بعد الانقلاب وهذه الشخصية الجنرال ديغول بطل الحرية كما يسمونه هي التي ينادى بها الجيش رئيسا للحكم لأنه يتمتع بسمعة طيبة في الأوساط الفرنسية، وهو الرجل الوحيد الذي يستطيع أن يوحد كلمة الشعب لأنه محبوب من جميع طبقاته.
ومن رجال الانقلاب كانوا يريدون أن يجعلوه رمزا للحكم فقط ليس له من النفوذ شيء، أما التسيير للحكم فهو لمدبري الانقلاب، وقرروا أيضا بأن تبقى الجزائر فرنسية قلبا وقالبا ذاتا وروحا مهما كانت الأحوال، ومواصلة الحرب ضد الثوار الى أن يقضى على الثورة تماما، ولا يتنازلون عن شيء ولو كان حقيرا تافها، فكل شيء يتنازلون عنه يؤدى حتما الى الاستقلال، والانفصال عن أم الوطن ...
الحل الوحيد للجزائريين - في نظرهم - هي المساواة في الحقوق والواجبات في دائرة القانون الفرنسي، وتجريدهم من قوميتهم وشعائرهم الدينية والأخلاقية، وإدماجهم في العائلات الفرنسية حتى يصبحوا مواطنين فرنسيين هذا ما اتفق عليه أصحاب الانقلاب ...