ورضى عامة المسلمين بأن يكونوا ساقة عسكر الجاهلية بدل أن يكونوا قادة الجيش الإسلامي. ان هذه الأمة التي تدعى الاسلام غالبها قد افلس افلاسا شائنا في الدين والأخلاق وقد أشربت في قلبها حب المال وتسلط عليها سلطان الاثرة والجشع، احتلت أوربا قلوب المسلمين وأصابهم انحطاط في الأخلاق والعقيدة، كانت هي سبب انهيار الدول الاسلامية، ولكن مع ذلك لم يزل المجتمع الإسلامي على علاته محتفظا ببعض المبادئ الخلقية السامية والخصائص الاجتماعية الفاضلة التي لا يوجد لها مثيل في الأمم.
ورغم كل ما أصيب به المسلمون من علة وضعف فإنهم هم الأمة الوحيدة على وجه الأرض التي تعد خصما للأمم الاوربية وغريمتها ومنافستها في قيادة الأمم ومزاحمتها في وضع العالم، والتي يعزم عليها دينها أن تراقب سير العالم، وتحاسب الأمم على أخلاقها وأعمالها ونزعتها، وأن تقودها الى الفضيلة والتقوى، الى السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، وتحول بينها وبين جهنم بما استطاعت من القوى، والتي يحرم عليها دينها وتأبى فطرتها أن تتحول الى أمة جاهلية.
هذه الأمة ربما في يوم من الأيام تكون خطرا على النظام الأوربي الذي بسطه في الشرق والغرب لأن شرارة الكفاح والحياة والطموح لا زالت كامنة في رمادها، ولا يزال فيها رجال تتجافى جنوبهم عن المضاجع، وتسيل دموعهم على خدودهم سحرا، لا يخفى على الخير المتفرس أن الاسلام هو فتنة الغد انا لا أجهل أن هذه الأمة قد اتخذت القرآن مهجورا، وأنها فتنت بالمال وشغفت بحبه وادخاره كغيرها من الأمم، وأنا خبير أن ليل الاسلام داج مكفهر وأن علماء الاسلام ليس لديهم تلك اليد البيضاء التي تشرق لها الظلمات، ويضيء لها العالم، ولكنى أعلم - إن شاء الله - أن قوارع هذا العصر وهزاته ستقض مضجعها وتوقظ هذه الأمة وتوجهها الى شريعة محمد صلى الله عليه وسلم حامية الذمار حارسة الذمم والاعراض دين الكرامة والشرف دين الأمانة والعفاف، دين المرؤة والبطولة، دين الكفاح والجهاد يمحو كل أثر فن اثر الانسان، لا يفرق بين ملك