اعتبروا بما وقع لهم على أيدي أعدائهم من الذل والاستعباد وبهذا أيضا يضمنون وجودهم كأمة لها رسالة سماوية أمرت بتبليغها الى الناس كافة.
لو سار المسلمون على نهج الكتاب الكريم، وخطة الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه. وسيرة الخلفاء الراشدين من بعده لكانت دولتهم أثبت رسوخا وأضمن دواما، وأكثر انتشارا واتساعا، ولأكلت من فوقها (١) ومن تحت أرجلها من أعدائها ... الاسلام الذى ارتضاه الله لعباده هو دين ودولة، وحكم وشريعة، ومنهج ورسالة. ومن لم بحكم بما أنزل الله، فقد برئ من الايمان، ومزق الاسلام، وحطم الشريعة الغراء تحطيما كاملا، وعصى الله ورسوله، وأطفأ نورا ربانيا.
إن الحكومة القائمة بأمر الله، المنفذة لأحكامه وشرائعه، الحاملة لرسالته، المدافعة عن دينه، والداعية الى طاعة الله وتقواه، هي عنوان الاسلام وهى ظله في أرضه، وبها يقيم الله الحجة على عباده ولا يرضى عن سواها. ولا وزن لما جاء به من العبادات، والعدل والاحسان. اذا لم تقم هذه الحكومة بين المسلمين. فالله سبحانه وتعالى لم يرسل رسوله الأعظم محمدا صلى الله عليه وسلم عبثا، بل أرسله ليبلغ الناس دين الحق، وبالنظام الشامل للحياة كلها حتى يكون الانسان جديرا بالاصطفاء، والتفضيل على كثير من مخلوقاته. لأنه نفخ فيه من روحه، وجعله خليفة له، وأسجد له ملائكته وسخر له الكون. (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون (.
لقد شهد المسلمون - في العصور المتأخرة - نهضات إسلامية على أيدي أناس مصلحين ولكنها لم تدم طويلا، وفشلت جميع النهضات في العالم الإسلامي ولم تحقق الأهداف المنشودة منها، لأنها لم تكن متماسكة ينقصها الشمول فإذا كانت هذه النهضة