"أدهم": إن هناك تجربة نجحت إذ كانت الدولة العثمانية تمتد حتى الدانوب وتعيش على غرار شرقي فكانت منبعا للفساد في العالم فلما استقلت عنها المجر ورومانيا والبلغار واليونان اليوغسلاف فأخذوا بمدنية الغرب تقدموا.
"ف": إن الدولة العثمانية التي "عاشت على غرار شرقي" إنما كانت آرية في روحها وما تسنى لها طوال حكمها الذي سحب أذياله قرونا أن تدغم فيه العنصر العربي السامي أو تندغم فيه فارتفعت عليه ولم تتمكن من الارتفاع به بالرغم من اعتناقها دينه المبين.
وليت الدولة العثمانية بعد أن بنت سلطانها على السطوة عرفت أن تحتفظ به بالعمل على ترقية الشعوب المستظلة بعلمها، ليتها لم تكتف بالمظاهر، معرضة عن الصفات العليا التي أنار الخلفاء الأقدمون بها وجه الأرض وأقاموا عليها أروع حضارة عرفها التاريخ، إذن لما كانت الشعوب التي ذكرها المناظر لتتنفس الصعداء بزوال كابوس الدولة العثمانية عنها, وما كان اليونان والبلغار وسواهم مرهقين متقهقرين لاتخاذهم الثقافة العربية فإنهم ما عرفوها وما عملوا بها.
ما يقوله المناظر عن أن اليابان نهضت بالمدنية الغربية بعد أن أعرضت عن منطق الحياة الشرقية ففيه حقيقة كبرى تقدم برهانا على نظريته؛ فإن اليابان لم تزل متمسكة بثقافتها كل التمسك وفي ذلك سر ارتقائها، فهي لم تأخذ من الغرب إلا الآلة والآلة فقط. وما الآلة إلا نتاج العلم العملي الوضعي الذي رافق الإنسانية منذ اكتشف أول مكتشف شرارة النار في كهفه.
وليس للهندسة والكيمياء وعلوم الأحياء وسواها طابع قومي١.