ساير الدكتور طه الباحثين الأوربيين في القول بأن الثقافة اليونانية هي مصدر الثقافة الإنسانية وأن الناس في الشرق والغرب وفي جميع الأجيال مدينون لثقافة اليونان.
والحق أن للدكتور عذرًا في هذه المسيارة فقد قرأ كتبا ترى هذا الرأي، ولو أنه تريث لعرف أن هنالك كتبًا أجدر من تلك الكتب بالتلخيص. وهي التي ترى أن المعارف اليونانية منقولة من المعارف المصرية، وأن فلاسفة اليونان لم يكونوا إلا تلاميذ لفلاسفة مصر القدماء.
وأنا لا أسوق هذه المؤاخذة تعصبا لبلادي، فاليونانيون أنفسهم يعترفون بأنهم تلاميذ المصريين وكانت زيارة مصر واجبة على كل يوناني يريد التفقه في أسرار الوجود، أستاذية مصر الفرعونية الوثنية ليست أسطورة من الأساطير بل هي حقيقة من الحقائق وإن أراد الدكتور طه أن يساجلني فأنا حاضر للسجال وقد سجل في كتابه مستقبل الثقافة: إن عقلية مصر عقلية يونانية وإنه لا بد من أن تعود مصر إلى احتضان فلسفة اليونان.
والواقع أن إيمان الدكتور طه حسين بهذا الرأي يرجع إلى تاريخ قديم ففي نوفمبر ١٩١٩ قدم ثروت باشا الدكتور طه حسين إلى الجمهور في قاعة المحاضرات بالجامعة المصرية فألقى المحاضرة الأولى وقال في هذه المحاضرة: "إنه