ثم ذكر الدكتور كيف رد المصريون أهل البغي والعدوان وكيف أفنوهم في أنفسهم وحشر العرب في زمرة الذين أفناهم المصريون والواقع أن كل الأمم التي بغت على مصر قد فنيت فيها، إذ انتصر المصريون عليها ولا يستثنى من أهل البغض الذين يشير إليهم الدكتور طه حسين إلا العرب، أليس ذلك لأنهم لم يكونوا بغاة ولا معتدين؟
لقد قبل المصريون دين العرب وعادات العرب ولسان العرب وحضارة العرب وأصبحوا عربا في طليعة العرب والذي نعلمه من البحث عن أنساب أقاليم مصرية بأكملها أن أكثرية دماء أهلها ترجع إلى العرق العربي وأن فردًا واحدًا من تسعين في المائة من سكان مصر لا يستطيع أن ينكر أن عروقه تجري فيها الدماء العربية والواقع الملموس أن مصر الآن من جسم الأمة العربية في مكان القلب فهل يتفضل الدكتور طه حسين ببيان المعنى الذي يريده حينما يقرر أن العرب فنوا في مصر وانهزموا.
نعم قد فني في مصر جميع الفاتحين من أهل البغي والعدوان وكسبت مصر أبديا الأمة الوحيدة التي جاءت تحمل راية الإسلام ولا تقصد بغيا ولا عدوانا. تلك هي الأمة العربية وتلك هي أمتنا التي ننتسب إليها ونفخر بتاريخها ثم أي شيء في العلم يتحول، والسنون والحوادث تفعل فعلها في كل بقعة من الأرض وفي كل شعب من الشعوب.
والأمة المصرية الحالية إلا بقية من الأمة القديمة من الفراعنة، وبعض من مر بمصر في العصور المختلفة. قد غمرها جميعا سيل من الهجرة والدين وأصبح واديها مزدهرًا بالسلالة التي صبغتها الدماء وسادت بها الديانة العربية والعرف العربي واللغة والثقافة فإنه يستطيع أن يقنع أي مصري آخر بأن العرب كانوا من البغاة المعتدين الذين أفناهم المصريون. وأخيرا ألا يعلم