٣- البلاغ، محمد خياط الفلسطيني، مصر والعرب، ٨/ ٩/ ٣٣:
ألا إن السانحة التي بدرت من الدكتور طه كانت الفتيلة التي ألهبت شعور السوريين فوقفوا تلك الوقفة واندفعوا ذلك الاندفاع. على أن كلمة الدكتور طه ليست من الخطورة بمكان لولا أن سبقتها حوادث أخرى تجرعها السوريون على مضض واحتملوها من إخوانهم المصريين وإن نسي السوريون فلن ينسوا موقف البعض من الأمة العربية ودعوتهم الفرعونية التي حاولوا فيها قطع كل صلة لمصر بالعالم الإسلامي والتي منيت بالفشل وباءت بالخسران.
وإن كتاب الدكتور طه "في الأدب الجاهلي" لا يزال دويه يدوي في سوريا إلى الآن إلا أن قلة وسائل الدعاية والنشر حالت دون إظهار رأي الغالبية منهم فيه.
ثم ما هي الجناية التي جناها العرب على مصر، إنهم قدموا لها هذا الدين الإسلامي الحنيف، وهذا اللسان العربي المبين، فغدا المصريون والعرب سواء لا فرق بين المصري والعربي فانتشرت الأخوة والمحبة.
على أن ما كتبته جريدة "فتى العرب" لم يكن فيما عدا الإشارة إلى الضرب بالسياط وهو ما لا يقر الكاتب عليه إلا عتبا على الدكتور طه حسين أولى بأدباء مصر أن يتقبلوه بنية حسنة.
وأعود فأقول إن السوريين لم يغضبوا لكلمة الدكتور طه فقط وإنما هذه الكلمة ذكرتهم بما كتبه بعض الكتاب المصريين قبل الدكتور طه خاصًا بالفرعونية أو الشعوبية وأن السوريين ليقفوا لهؤلاء الكتاب بالمرصاد ليحولوا دون تسرب آرائهم السامة إلى نفوس الشبيبة العربية.