النفسية الغريبة ليهتدي إلى حقيقة الإنسان وبين الأدب الزائف الذي يروج للتهتك ويتاجر بالشهوات ويعمل على هدم الأخلاق.
ومن مميزات الأدب الأول أنه لا يبالغ في وصف تلك الأعراض الجسمية والنفسية الغريبة ولا يخلع عليها حللا خيالية رائعة تستهوي القارئ وتفسده، ولا يلتذ رسم الدقائق والتفاصيل الجنسية بل يعالجها في أدب جم وحيدة تامة. ويقررها تقريرا هادئا، لا يؤثر في أعصاب القارئ ولا تشوبه النية الخبيثة التي تخرج بالحقيقة عن محيط الأدب وتهوي إلى درك التبذل.
عباس محمود العقاد ١:
معظم الأدب الأوروبي الذي تم بعد الحرب العالمية أدب ضرورة كثيفة وخضوع أعمى للحاجة العاجلة وليس بأدب حرية وتمرد على قيود الضرورة فقد أطلقت الحرب عشرات الملايين من الجنود عاشوا في الخنادق معيشة الهمج الذين يواجهون ضرورة الجسم في كل ساعة من الساعات وتعودوا نسيان التهذيب في الشعور والذوق والكلام.
فإذا انطلق هذا الجيل المصاب في دمائه وصبره وعزيمته يريد أن يفرض على الدنيا تلك الآفات والنقائض فليس هذا دعوة إلى التجديد وليست دعوة لورنس ولا اشتداد دعوة السريالية إلا من آثار النكسة وبقايا الخضوع.