كان العرب يدعون خئولة قدماء المصريين لهم قبل ظهور الإسلام بقرون طويلة.
وإذا كانت الرسالة المحمدية قد وجدت بين شعوب العنصر السامي وأخرجت لنا وحدة جنسية تشملها لغة مشتركة وعرف متحد فأصبحت بذلك وسط سبعين مليونا متقاربين فما هو وجه المصلحة في التناكر أو الدعوة إلى عزلة مصر عن الأمة العربية.
ليست الوطنية العزيزة الجانب هي التي تقوم على الغيرة المحلية أو الطائفية بل هي التي تتسع للغيرة على العنصر بأكمله كرمز لنوع من البشر له وجود خاص وبين أجزائه تعارف خاص ويستند إلى أدب مشترك ولغة مشتركة وتاريخ يعتز بترديده ويطرب لذكراه ويثير حميته، ويدفعه إلى الاستبسال والغلب.
ذلك هو أساس الوحدة العربية في الأمة التي تمتد من المحيط إلى المحيط فليذهب إذن دعاة الفرعونية في مصر أو الفينيقية في سوريا أو الأشورية في العراق حيث شاءوا فإذا استطاعوا أن يستنهضوا قرية واحدة باسم الأمم التي فنيت في أهل العربية فإنهم يستطيعون أن يقيموا شعوبيتهم على أساس عميق.
أما الدعوة باسم العربية فإنها تستنهض سبعين مليونا في أفريقيا وآسيا وتجد في تاريخ العرب وأبطالهم ما يثير الناس جميعًا.
حدثوا ما شئتم عن خوفو أو مينا فهل تجدون في الناس إنصاتا، ثم حدثوهم عن عمر أو عمرو أو أبي عبيدة أو خالد أو سعد من فاتحي مصر وسوريا والعراق أفلا تجدون إنصاتا كإنصات البنين للآباء، هذا هو أصلهم الذين يعترفون به وهذا هو أصلهم الذي أنكروه فما معنى الشعوبية في مصر