للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما هو الشعر تقييد بقواف فلم يكن السجع مستحسنا في المواطن التي يجب أن ينطلق منها عقال القلم تأدية المعاني على وجهها. أما في المواطن التي هي أقرب إلى الشعر منها إلى المباحث العلمية الصرفة فليس السجع بالذي يعد سبة على العربية. بل هو من محاسن هذه اللغة. وإن كان يجب حذفه من هذه اللغة من أجل كونه طريقة قديمة، ومن أجل أنه عبارة عن زينة كلامية فإن هذا يؤدي بنا إلى اقتراح حذف الشعر.

وأن العرب قد اصطلحوا على السجع في أسماء الكتب ولم يخطئوا في ذلك لأن الكلام المسجع أعلق في الذهن من غيره١.

من محمد كرد علي إلى شكيب أرسلان ٢:

نعم، شق علي يا أخي أن تلقي دلوك في الدلاء، وأن تكتب مقدمة "قواعد التحديث في فنون مصطلح الحديث" بهذا اللسان الذي ما عهده فيك من تأدبوا بأدبك وأكبروا عظمة بيانك. بالأمس كتبت مقدمة النقد التحليلي لكتاب في الأدب الجاهلي فمن منا لم يعجب بما كتبت وحبرت وإن كنت قد أطلت وتوسعت.

واليوم تكتب ما تكتب لقواعد التحديث في فن لست منه ولا أنا في العير ولا في النفير وجئت تغالي بكتاب ليس فيه من حديثه ولا أسلوبه أسلوب المؤلفين.

أنا أجلك عن الدخول في هذا المأزق، لأنك في غنية عنه ولست بحمد الله محتاجًا إلى مصانعة الناس ولا نضبت أمامك الموضوعات، وتحتاج لمعالجتها


١ الرسالة ٥ أغسطس ١٩٣٥.
٢ الرسالة ١٩ أغسطس ١٩٣٥.

<<  <   >  >>