للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحقك هل رأيت لأحد من بلغاء القرون الأولى سجعا في شيء من أسماء كتبهم، وهذا الجاحظ وابن المقفع. وهذه أسماء كتبهما ورسائلهما. هل وجدت لهم سجعا تتقزز منه كصاحبك أبي إسحاق الصحابي الذي أفسد اللغة على علو مكانته في الأدب بما سجع ورصع؟

وأظنك موافقي على رأيي في أن التسجيع أضعف ملكات المؤلفين من عهد ابن العميد إلى زمن أستاذنا الشيخ محمد عبده الذي قضى بقوة حكومته على استعمال السجع في الصحف والرسائل الرسمية، فعد عمله هذا أكبر حسنة من حسناته ولولا عمله ما دخلت اللغة في هذا الأسلوب الممتع الذي نقرؤه للمنشئين والمؤلفين، ونرجو أن تعود به اللغة إلى رونقها السالف من الرشاقة والجزالة.

ولو كنت على مقربة منك ما تركتك تقول في مقدمة الديوان الذي نشرته بآخره ودعوته "روض الشقيق في الجذل الرقيق" ما قلته في فاتحته:

الذي لا أجد لشعره وصفا في عرضه عن الأنظار، ولا لديوان حليه أجمل نشره في الأقطار، وخير وصف الحسناء جلاؤها والجواد عينه تغني عن الفرار ولعمري ولو وصفته بأزهار الربيع وأنواع البديع وشققت في تحليته أصناف الأساجيع وكان هو في الواقع دون ما أصف ما أغنيته فتيلا ولا رفعته عن درجته كثيرًا ولا قليلا.

ولو كنت مكانك لقلت وما باليت: "الذي لا أجد لشعره وصفًا أوفى من عرضه على الأنظار. ولو وصفته بأزهار الربيع وكان في الواقع دون

<<  <   >  >>