لأمة بعيدة المطمح تضرب بآمالها آفاق الأرض وتخترق بهمتها أجواز السماء، وهنالك ناس تخفق قلوبهم مع قلبه وتغضب نفوسهم للمغضوب من حقه، وتحس عواطفهم بإخوته، هم الذين يقرءون مؤلفاته إذا ألف، ويترنمون بقصائده إذا نظم وبأناشيده إذا غنى.
ومفخرة مصر أحمد كمال باشا رحمه الله، إنه لم يخرج من هذه الدنيا حتى ترك وراءه معجما يبلغ حمل جمل وضع فيه جميع ما عرفه البشر من الكلمات في لغة مصر القديمة المكتوبة بالخط الهيروغليفي وكان هو يفسر لغة مصر القديمة بلغة مصر الحديثة "العربية" ويجد في العربية في مقابل بعض الألفاظ المصرية القديمة ألفاظا شبيهة بها لفظا ومعنى.
وقد حمل هذا الاكتشاف على إنعام النظر في هذا الأمر ومازال به حتى تبين له أن أكثر من نصف اللغة التي كان يستعملها قدماء المصريين هي شبيهة بمثلها في العربية لفظا ومعنى، زد على ذلك أنها شبيهة بالعربية المصرية التي نستعملها اليوم، ولو أن العربية المعاصرة لقدماء المصريين والتي كانت تستعمل في سيناء وجزيرة العرب قبل أربعة آلاف سنة -أي قبل أن تتزين العربية بإعراب أواخر الكلم- دونت يومئذ في معجم، أو لو أن في جزيرة العرب نيلا كالنيل الذي في مصر يجلب إلى أهلها ثروة كالثروة التي كانت لفراعنة مصر فتمكنوا بهذه الثروة من إقامة أهرام وآثار ينقشون لغتهم عليها لثبت لأحمد كمال باشا ولكل إنسان على وجه الأرض أن لغة مصر القديمة هي لغة جزيرة العرب لا تختلف إحداها عن الأخرى إلا بالإمالات وبعض المترادفات فهما لهجتان من لغة واحدة كما هي الحال اليوم تماما بلا أدنى فرق.
إن الإسلام أوصل العربية إلى أوربا وآسيا وأفريقيا، وكانت العربية