وهو من كبار الباحثين من العصر الحديث ولكنه على أدبه وفضله لا يحسن إلا حين يصطحب الروية ويطيل الطواف بالموضوع الواحد عاما أو عامين وذلك سر تفوقه فيما نشر من البحوث والتصانيف.
أحمد أمين باحث كبير بلا جدال ولكنه ليس بكاتب ولا أديب أن كان من أساتذة الأدب بالجامعة المصرية. ولم يستطع أحمد أمين على كثرة ما كتب وصنف أن ينقل القارئ من ضلال إلى هدى أو من هدى إلى ضلال. وإنما كانت مؤلفاته وبحوثه ضربا من التقرير الذي يخاطب الأذهان ويعجز عن مخاطبة العقول والقلوب.
وحياة أحمد أمين تؤيد ما نقول؛ فهو رجل لا يعرف الخلوة إلى الفكر والقلم، ولا يتسع وقته لدرس ما في الوجود وما في الأخلاق من مشكلات ومعضلات. وإنما يقرأ ويسمع ويعلق على ما يقرأ ويسمع، بدون أن يتغلغل إلى أسرار المجتمع أو سرائر القلوب.
الحظر كل الحظر أن ينصب هذا الرجل نفسه حاكما بأمره في مصير الآداب العربية وهو لم يستطع إلى اليوم أن يقيم الدليل على أنه يتذوق المعاني والأساليب.
والحظر كل الحظر أن يتوهم أحمد أمين أنه قادر على زعزعة ما أقامته الأيام من الحقائق الأدبية، الحقائق التي ساد بها العرب في أزمان طوال.
وكان لها سلطان مهيب في أقطار الشرق وأقطار الغرب.
ولكن ما الذي نقل ذلك الرجل الفاضل من حال إلى أحوال وحوله من الروية إلى الارتجال.