وهو الانسحاب من ميدن الدراسات الأدبية إلى أن يعرف أن الأديب لا يؤرخ على طريقة الارتجال.
ولعل هذا الصديق يرجع إلى نفسه فيذكر أنه لم يخلق ليكون أديبا وأنه لم يفكر في دراسة الأدب دراسة جدية إلا بعد أن جاوز الأربعين. لو رجع هذا الصديق إلى نفسه لعرف أنه لا يجيد إلا حين يشغل وقته بتلخيص المذاهب الفقهية والكلامية. ولو شئت لكررت ما قلت من أن موقفه في جميع أبحاثه موقف "المقرر" ولم يستطع مرة أن يكون من المبتكرين في الدراسات الفقهية والكلامية وإذا كان هذا حاله في الفقه والتوحيد فكيف يكون حاله في الأدب, والأدب يرتكز على الحاسة الفنية. وهي حاسة لم توهب لهذا الرجل قبل اليوم ولن توهب له بعد اليوم لأنها من الهبات التي لا تنال بالدرس والتحصيل.
أحمد أمين ليس بكاتب ولا أديب وإن سود الملايين من الصفحات.
أيهدم ماضينا الأدبي بمحاولة رجل محروم من الذوق الأدبي، هذا الرجل ينظر إلى الأدب وإلى الوجود نظرة عامية، فهو يقسم الأدب إلى قسمين: أدب معدة وأدب روح. والسخرية من المعدة لا تقع إلا من رجل يفكر كما يفكر الأطفال فالمعدة التي يحتقرها هذا الرجل العامي هي سر الوجود، وعن قوة المعدة تنشأ قوة الروح.
إن المباعدة بين المعدة والروح عقيدة هندية الأصل وتلك المباعدة هي التي قضت بأن يعيش الهنود فقراء ولو احترم الهندي معدته كما يحترم الإنجليزي معدته لما استطاع الإنجليز أن يكونوا سادة الهنود.
لقد فكرت كثيرا قبل أن أقدم على هذه الحملة الأدبية وصح عندي بعد