للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والهجاء" هي أظهر الفنون في الأدب العربي وبذلك يكون الأدب العربي في أغلب أحواله أدب معدة لا أدب روح١.

ولو كان هذه الرجل يدقق لعرف أن المديح والهجاء هي السجل الصحيح للأخلاق العربية فمن المديح نعرف كيف كان العرب يتمثلون المناقب ومن الهجاء نعرف كيف كانوا يتصورون المثالب, ومن المحاسن والعيوب يعرف الباحث صور المتسع في الحياة العربية والإسلامية.

ولو ضاعت قصائد المديح والهجاء لضاع بضياعها أعظم ثروة يستعين بها علماء النفس لفهم تطورات الأفكار والأذواق فيما سلف من عهود التاريخ.

حتى قال: أريد أن أنزه تاريخ العربي عن وصمة المعدة والمعدة ليست وصمة إلا في ذهن الأستاذ أحمد أمين.

أحمد أمين يقول:

نرى في العصر العباسي طغيان أدب المعدة على أدب الروح. هذا


١ كتب أحمد أمين يصور الفرق بين أدب الروح وأدب المعدة فقال:
أدب الروح هو الأدب الذي يتصل بالعواطف السامية عند الإنسان فيهذبها ويرقيها ويغذيها, القرآن أدب روح لأنه يسموا بالإنسان عن عالم المادة ويأخذ بيده إلى السماء وباب الحماسة من ديوان الحماسة أدب روح وغزل جميل وكثير والعباس بن الأحنف أدب روح والغزل الفاجر أدب معدة. وأدب الطبيعة أدب روح.
قال زكي مبارك: إن القرآن إذن على هذا الأساس أدب معدة لأنه ذكر الحور العين.
وقال زكي مبارك إنه لا يمكن للمرأة أن تكون مصدر وحي وإلهام للرجل إلا إذا اشتهاها بشهوة حسية ومن قال بغير ذلك فهو رجل ضعيف لا يدرك جوهر الصلات بين الرجل والمرأة.
وأن رجال الأخلاق لم يستنكروا الشهوات إلا بسبب الإسراف، أما الشهوات في حد ذاتها فهي دليل العافية، وأن فضيلة العفاف لا يقام لها وزن إلا حين تصدر من رجال مزودين بحيوية الشهوات.
وقال أحمد أمين: إن أدب المعدة هو ذلك الأدب الذي يدور حول ملء المعدة واستدرار المال ويحصل الفوات. ومثل لذلك بالغزل الفاجر ومقالات الكتاب التي هدفها الأول ملء الأعمدة والاستيلاء على الرواج وأدب المديح.

<<  <   >  >>