كلها أو تترك كلها، إما أن تؤخذ باجتماعياتها وأدبياتها وعلمياتها، وأما ألا يؤخذ فيها شيء.
ونجحت حركة اللالتفاف التي قام بها دعاة الغرب ضد سلطان الإسلام في نفوس من أصغى إليهم من الناس، حين ألجئوهم إلى أن أصابتهم فتنة ذلك التجديد كمن أحاط به العدو لا بد له من الموت أو التسليم.
ومن هنا كان ما أصاب أولئك المجددون من نجاح, وما يهدد الإسلام في بلاده وفي نفوس أهله من خطر، ومن هنا أيضا هب لدرء هذا الخطر فريق من المجاهدين المحتسبين الذين آتاهم الله فقها في الدين وقوة في الجنان وبسطة في البيان وفي طليعة هؤلاء كان الرافعي رحمة الله عليه.
فالمسألة بين القديم والجديد كما يسمونها ليست مسألة اختيار بين أدب وأدب وطريقة وطريقة ولكنها في صميمها مسألة اختيار بين دين ودين.
فالذين يسمون أنفسهم أنصار التجديد يؤمنون بالغرب كله، ويريدون أن يحملوا الناس على دينهم هذا.
وكل خلاف بين أنصار القديم وأنصار الجديد منشؤه هذا ومرده إلى هذا. هؤلاء مثلا، يريدون متابعة الغرب في السفور والاختلاط، وأولئك يرون السفور والاختلاط مفسدة ثم أنصار الجديد يضيقون ذرعا بالقيود الأخلاقية التي قيد الدين بها الناس فيما يعملون ويقولون, يريدون أن يتحللوا منها فيزعموا للناس أن هذه الأخلاق وقيودها إن هي إلا عرف وتقاليد، وإن التقيد بالعرف والتقاليد في الفن والأدب يعوق الفن ويحول دون ترقي الأدب فيجب إذن إطلاق الفن وتحرير الأدب من تلك القيود ومن هنا نشأ خلاف