ويملك ما لا يسلم به الأستاذ أحمد أمين فهو يعتقد الفن المسخر لخدمة الضرورات اليومية في المجتمع هو الفن الأرقى متأثرا ولا ريب بتلك النظريات الحديثة في السياسة والاقتصاد التي ترمي كلها إلى تملق الجماهير ومداهنة الدهماء ومصانعة الجماعات والنقابات ومسايرة الكتل والسواد من الناس والشعوب.
أما إذا كان في الإمكان وجود فن يخدم المجتمع دون أن يفقد ذرة من قيمته الفنية العليا فإني أرحب به وأسلم من الفور بأنه الأرقى.
ولكن هذا لا يتهيأ إلا للأفذاذ الذين لا يظهرون في كل زمان.
أحمد أمين ١:
إنه -أي الأستاذ توفيق الحكيم- قلب غرضي رأسا على عقب ونسب إلي ما لم أقل. إني دعوت إلى أن يكون من مصادر الأدب حياتنا الاجتماعية التي تحياها فيكون لها روايات تمثل بؤس الشعب وأغلالها والاستبداد بها وتعدو إلى حياة أسمى من حياتنا وإلى تكسير أغلالنا والثورة على الظلم الذي ينتابنا، فاستنتج من هذا استنتاجا عجيبا, إني أدعو إلى المادية، وإلى تسخير الأدب في خدمة العيش وإني أريد -على حد تعبيره- أن أستخدم الأدب للدعايات الاجتماعية.
لا يا أخي؛ فرق كبير بين الدعوة إلى أن يكون من مصادر الأدب الحياة الاجتماعية والوعي الاجتماعي وبين الدعوة إلى مادية الأدب وتسخيره للأغراض الوضعية، فالأدب الاجتماعي قد يكون في أسمى مراتب الروحانية.