للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آخرون تعريبها، ولكن لم يتعد هذا الخلاف منطق الحوار إلى النزال والنضال فكان الأولون يقولون إنهم يستنون بتلك الألفاظ أسنة واثلنا فإنهم لم يتحرجوا أن يطلقوا على كل علم أو أداة أو عقار اسم مستكشفيه، وكانت حجة الآخرين أن العربية تسع جميع المصطلحات فيمكن أن يطلق عليها ألفاظ عربية فلم يصادف رأي أحد الفريقين إجماعا وظل كبار الكتاب يكتبون بما يبدو لهم غير مقيدين بمذهب، أما صور الأدب وما يصح أن يكون عليه فلم يعترك عليها قلمان. ولم يقل أحد بوجوب قصر تلك الصور على حال لا يجوز تعديلها.

وتخير الأسلوب يرجع إلى ثقافة الكاتب العلمية وقدرته اللغوية فكل ما شهدناه في هذا الباب أن شبانا ممن لم يتسع لهم الوقت لدراسة العربية يريدون في نفس الوقت أن يكونوا كتابا ونقدة أدب أكثروا من الكتابة في وجوب التحلل من قيود العربية وفي الإشارة بأنهم في طليعة أهل التجديد.

والواقع أنهم قاصرون في اللغات التي يدعون إلى تحدي أساليبها قصورهم في العربية نفسها ولكن لأجل أن يعتبروا في الرعيل الأول من المجددين كان لا بد لهم من كلام يلوكونه بألسنتهم ويصرفونه بأقلامهم كلما لاح لهم الكلام أو الكتابة فإذا طلبت إليهم أن يستنوا بألسنة التي يدعون إليها أتوا بكل سمج مرذول من العبارات التي لا تمت إلى أحد الأسلوبين بصلة.

إن اللغة العربية لم تبلغ إلى اليوم على أقلام كتابها السمو الذي كان للغة في عهدها الذهبي عند أسلافنا. وفي رأينا أنها كانت قد وصلت إلى منزلة من الصقل والفخامة تستطيع معها أن تقف جانبا إلى جنب مع أية لغة من لغات الغربيين اليوم.

<<  <   >  >>