للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نعم؛ إن أكابر كتابنا ليقصرون عن أن يبلغوا شأو فحول العربية في عصرها القديم لا من ناحية تخير الألفاظ والإبداع في صوغها فحسب ولكن في أسلوب الأداء ودقة التركيب أيضًا.

-٤-

الدكتور هيكل١: إن شبابنا الذين وفدوا إلى أوربا كانوا قد فتنوا بالأدب الكبير فيها فلما عادوا كان هذا الأدب الكبير قد دالت دولته وحل محله نوع من الأدب يصح أن يوصف بالصغير.

"فريد وجدي": إن ما يسميه الدكتور بالأدب الكبير في أوربا في العهد الذي كان شبابنا يدرسون الأدب فيها كان يعتبر في نظر أئمة الأدب في القرن السابق أدبا صغيرا قصد به الكتاب إرضاء شهوات النفوس وأمتاعها بذكر اللذات الجسدية، وكان علماء الاجتماع يعدونه خروجا بالأدب عن صراطه إلى ما لا يتفق ومصلحة الاجتماع, وشبابنا لما يلزموا سمت الأدب الأوروبي الذي يصفه هيكل بالكبير ولكنهم يجرون على سنة ما يدعونه بالأدب الصغير الذي يخدم شهوات النفوس ويثير فيها ما كمن رعوناتها البهيمية فكل ما يكتبه قصاصونا وما تمثله مسارحنا اليوم صورة صحيحة من هذا الأدب الصغير بل هو ترجمة حرفية له يصح أن توضح بكل ما وصف به الدكتور هذا الأدب المنحط وكيف يتأتى أن يكون الأمر على غير ما يقول وقد تشعبنا بروح الفلسفة المادية وتدهورها في أخلاقنا وعادتنا إلى حيث لم يصل إليه الأوروبيون بعد، أفيستطيع ناقد بصير أن يعين لي وجها من وجوه الخلاعة والتهتك وضربا من ضروب الاستخفاف بالآداب والأخلاق مما يصادف في أوربا لم نأخذ به ولم نسبق أهله فيه؟


١ ٧ يوليو ١٩٣٣ الأهرام.

<<  <   >  >>