كلا أيها الإخوان لا تلوموننا على الزهو بالفراعنة لأن لنا حقًا في هذا الزهو يعترف به العالم كله.
١٧- عربية مصر، سعيد حيدر ١:
أريد أن أطمئن الأستاذ صاحب البلاغ أن دعاة القومية العربية لا يسيئهم ولا يضيرهم مطلقا أن تستلهم مصر -في جهودها لتبوئ مكانتها السامية بين الأمم- مجد الفراعنة. لأن هؤلاء الدعاة يعلمون أن كبار علماء الآثار والعاديات يكادون يجمعون على أن أصل الفراعنة ومنشأهم بلاد العرب وأن مباحث اشتقاق اللغات تكاد تقرر أن لغة الفراعنة واللغة العربية شقيقتان، وأن المصريين القدماء والعرب سامية وأن الهكسوس عرب خلص.
إنما الذي يسيء دعاة القومية العربية ويضيرهم هو سعي بعض أعلام الكتاب في مصر لإسدال ستر النسيان على تراث مصر من مجد آبائهم من العرب، ذاك المجد الخالد الذي قد لا يضاهيه مجد آخر ولا يضارعه حافز نحو العلاء وانصرافهم بكليتهم إلى ادعاء فرعونية مصر، والقول بأن العرب غرباء أجانب جاءوها غزاة فاتحين فأضروا بها وأخروها من سلم الحضارة العالمية أحقابا مما لا يتفق مع التاريخ والعلم ومصلحة مصر، حيث يبذرون بذور الكراهية والبغضاء بين الأخوة الأشقاء.
وحين شرع أعلام الكتاب في مصر يترنمون بمجد العرب الخالد والحضارة الإسلامية الزاهرة ويمزجون بين هذا ومجد الفراعنة لاستثارة حماسة الشباب المصريين وتوجيه مطامحهم نحو العلاء فلم يبقَ بينهم وبين دعاة القومية أي خلاف.