يكاد يحار المرء في إدراك المصلحة التي ينشدها لمصر دعاة الرجوع إلى الفرعونية والجنوح عن العربية، ماذا عساها تكون؟
أظن أن التجارب القاسية التي مرت بمصر أقنعت العقلاء والمفكرين بأن الاتجاهات الإقليمية لن تؤدي إلى حسن النتائج. وأن اتجاها مصريا واتجاها سوريا وآخر عراقيا وهلم جرا لن يصل بنا إلا إلى الفشل المرير وأن النجاح مضمون حين نجتمع على اتجاه عربي شامل.
إن علماء الاجتماع وعلماء الحقوق والمؤرخين نبذوا منذ سنين نظرية الدم والعرق في التعرف على القومية وقالوا بوحدة اللغة ووحدة الثقافة والدين وتماثل الأخلاق والعادات والتقاليد ... فهل بين هذه الصفات ما يكذبنا إذا ادعينا أن مصر عربية في نظر العلم أيضا؟
١٨- عربية أم فرعونية، "حسن عارف ١ ":
الواقع أن الدعوة العربية حديثة جد الحداثة لم يقل بها النبي الكريم ولم تتواتر على الألسنة ولم تطرق ذهن رجل كجمال الدين أو الإمام والواقع أنها فكرة نشأت غامضة مبهمة مكبوتة حائرة في نفوس الشعوب العربية حين كانوا يأتمرون بها ويعصفون بكرامتها وعواطفها، وحين كانوا يعلنون أن العرب جنس خلق ليحكم ويجلد ويعامل معاملة الأنعام وحين شعرت الأمم العربية أن الترك لا ينظرون للخلافة على أنها رمز الوحدة الإسلامية حيث يتآخى الكل وحيث لا فضل لتركي على عربي.