للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصديقنا هيكل قد قرأ فيما أظن كتاب "دوركايم" في الدين وهو يعلم أن دوركايم ينتهي من بحثه الطويل الدقيق إلى نتائج مختلفة منها أن الجماعة تعبد نفسها أو بعبارة أدق تؤله نفسها.

إن الدين في ناحية والعلم في ناحية أخرى وأن ليس إلى التقائهما سبيل ومن زعم للناس غير هذا فهو إما خادع أو مخدوع. والحق أن المخدوعين كثيرون وهؤلاء المخدوعون هم الذين يحاولون دائما التوفيق بين العلم والدين.

الدكتور محمود عزمي؛ الدين والعلم ١:

عرض صديقي الدكتور هيكل لموضوع خطير لم يعرض له باحث جدي في مصر، وقرر أن الخصومة إنما هي بين الرجال لا بين العلم والدين، وإنها خصومة من أجل الحكم والسلطان كما قرر أنه قد يأتي زمن يظهر منه من التعاليم ما يكون موقفه من العلم موقف العلم أول مرة من الدين يتمسح منه ثم يستقل إذ يحس من نفسه القوة والنشاط.

وعندي أن هذا الافتراض غير محتمل الوقوع ولا يمنعني من القول بأنه مستحيل إلا أن التعبير بالاستحالة ليس من الأسلوب العلمي في شيء كثير.

غير محتمل في اعتقادي أن يطغى غير العلم على اللعم, وأن يصبح أهل العلم بحيث لا يسدون حاجات الحياة والأحياء بأكثر مما يسدها أهل غير العلم من الناس.

وغير محتمل أن يأتي ذلك الزمن الذي يقول الدكتور هيكل أنه قد يأتي يوم يكون العلم فيه قد أنتج كل ما يستطيع إنتاجه فيصبح العلماء مجرد


١ السياسة الأسبوعية ١٩ يونيه ١٩٢٦.

<<  <   >  >>