للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو الآخر وليس فيه أكثر من صيحة حرب يقصد بها الظهور بالغلب أمام الجماهير".

هذا على أن الإلحاد لا علاقة له بهذه الشئون التي يتشدق بها من يرمون به غيرهم, يريدون أن يحاربوهم باسم الدين والخروج منه, فما نعرف أن للإيمان والإلحاد علاقة بزي اللباس وألفاظ اللغة ونوع الحضارة التي تحياها أمة من الأمم.

ومن المؤمنين من ينادي بتجديد الأزياء والأساليب وصورة الحضارة ومن الملحدين محافظين لا يريدون أن يتغير في اللغة حرف وأن تبقى الأشياء كما كانت من قرون.

بل أراني لا أغلو إذا قلت: إن التجديد أقرب إلى الإيمان منه إلى الإلحاد وهو كذلك في الإسلام بنوع خاص.

ولعل أشد الناس منادة بصيحة الحرب ضد التجديد وقرن الإلحاد إلى صيحتهم جماعة من إخواننا الكتاب يحسبون النقد موجهًا إلى أسلوبهم الكتابي لأنهم يلجئون إلى استظهار أساليب الأقدمين لا في ألفاظها وتراكيبها وكفى, بل في مجازاتها واستعارتها وفي وقوفها على الأطلال وبكائها وحدائها للإبل وذكرها الهوادج والصحاري وكثبان الرمل في ألوان غزلها ولهوها ومجونها.

يوجه النقد إلى هؤلاء ويرى الذين ينتقدونهم أن خير الأساليب ما تجاوب مع الحياة المحيطة بالإنسان وما أدى الصور والمعاني التي يراها ويشعر بها ويتخيلها مما يرى ويشعر ويجول بخاطره.

فبربك ما شأن هذا النقد بالعقيدة والإيمان!

<<  <   >  >>