أما القول بأن الدعوة إلى إحياء الفرعونية في الفن والأدب وما سواهما من ميادين الحياة إنما يقصد بها إلى أن تحيا مصر اليوم كما كانت تحيا مصر الفراعنة فإن ذلك محاولة المستحيل لأنها محاولة رد التاريخ القهقرى وصد تياره ليكر راجعًا إلى المنبع بدلا من أن يظل مندفعًا نحو المصب.
ولكن ثمة حقيقة ليست أقل من هذه وضوحًا وقوة؛ تلك أن كل حاضر لا يتصل بماضيه لا مستقبل له.
لا أقصد إلا أن يتصل الروح المصري الحديث بالروح القديم وأن يتابع هذا الوحي على تعاقب العصور من بعد الفراعنة أثناء حكم البطالسة وأثناء العهد الروماني في مصر. وأثناء أطوار الحياة المختلفة التي تعاقبت على مصر الإسلامية إلى عصرنا الحاضر وما يخالجني ريب في أن كل اتصال بين روحنا اليوم وبين روحنا في مختلف العصور يضاعف قوتنا وحيويتنا ويسمو بروحنا إلى مقام البقاء والخلود.
٤- وكتب محمود سيف الدين الإيراني في "السياسة الأسبوعية" ٣ فبراير ١٩٣٣ يرد على هيكل:
هذه الدعوة التي يبذل كثير من المفكرين في مصر في سبيل تعميمها، وتوجيه الأذهان إليها جهودًا كبيرة، وكيف تتلقاها الأمم في بلاد الشرق العربي وكيف تنظر إليها باعتبارها موجهة إليها. الحق أن هذه الدعوة تعتبرها الأمم في بلاد الشرق العربي صدمة قوية لشعورها وترى أنها تحمل في أطوائها معاني الاستخفاف والرغبة في الانسلاخ عن كل ما هو عربي ومعاني النكران والإهمال لكل ما تمحض هاته الأمم مصر من عطف وحب