كنا نظن أن الأدب البارع الذي يظهر في مقالات شيخ العروبة فن جديد رمته به أيام الشيخوخة، ولكن يظهر أن هذا الأدب كان من صفاته لعهد الطفولة. فقد حدثناحفظه الله أنه استباح أن يقول لأستاذه في المدرسة التجهيزية "معندكش مراية" ولم يكتف الباشا بهذا في وصف أستاذه بلى وصفه بأنه "جاموسة طماوي تضرب بالفرنساوي" وهذا الرجل الذي يكتب هذ القول هو نفسه الرجل الذي قضى وقتا طويلا يدعوني فيه إلى أدب القول.
ومن كلماته يوم ذاك "لقد أفسدت السياسة أساليب النقد في الأدب فلنكتب نحن الأدب بأدب.
وقد عملت بنصيحته وتأدبت معه فاستأسد وكشر عن أنيابه وكان في مقدوري أن أعامله بمثل ما عامله به الأستاذ محمد مسعود١ ولكني رفقت بشيخوخته وقدرت له ماضيه في خدمة اللغة العربية، والله يشهد أني عصيت جميع الناصحين, فما رآني أديب إلا حذرني عواقب ملاينته وقد دعاني إلى مهاجمته ناس كرام يعرفون طباعه فآثرت الرفق رعاية للواجب واحترامًا لماضي "خم النوم" حرسه الله.
"ثم أعاد زكي مبارك أسئلته إلى أحمد زكي باشا" وقال:
هذه هي الأسئلة التي فر منها الباشا المفضال ليكتب في شتمنا مقالين أطول من ليل الشتاء. ونحن لا نزال نحسن الظن به ونرجو أن يقلع عن شحطه ونطحه.