أن أرمى فيها بالسرقة فقلت له إذا كنت قد وقعت على هذه الأبيات فما عليك إلا أن تدلني عليها وإنك تعلم أني لا أتعمد ذلك, وإني لمستعد إلى أراجعها معك فإذا اقتنعت فلست أتردد في كتابة مقال أنشره في الأهرام. وأنص فيه على هذه الأبيات مهما بلغت عدتها وأعلن نزولي عنها وردها إلى من يعدون مني لأنهم أسبق, فنصح ألا أفعل وقال: إن الناس لا يقدرون هذه الصراحة.
وإذ به بعد الجزء الخامس من ديوانه يحمل على مقدمته حملة يتهمني فيها بالسرقة.
ولم يثقل على نفسي اتهامه لي بالسرقة لأني أعرف من نفسي أني لم أتعمد سطوًا ولم أغر على شاعر وإنما علقت المعاني بخاطري أثناء المطالعة وجرى بها القلم وأنا غافل لأني ضعيف الذاكرة سريع النسيان، وإنما الذي أثارني أنه لم يأتمني على بعض رسائله وشك في مروئتي، وثانيا أنه ضحك علي ووصفني أني أميط عن شكري لوثة السرقة ليتسنى له أن يرميني بها وليكون وقع التهمة أعمق وأثرها أبلغ.
ولا أكتم القارئ أني انتقمت لنفسي شر انتقام وأني أسأت إلى شكري أعظم إساءة وما كنت أستطيع أن أفعل غير ذلك لأني لا أؤمن بإدارة الخد الأيسر لمن يضربني على خدي الأيمن وبعد أن شفيت نفسي مما وجدت استرحت ونسيت الحكاية.
ومضت سنون أخرى وجاء شهر مارس ١٩٣٠ فطلبت مني إحدى الجمعيات أن ألقي عندها محاضرة في التجديد في الأدب العربي فجعلت موضوعها عبد الرحمن شكري وقد نشرت هذه المحاضرة في الخامس من أبريل ١٩٣٠ في السياسة الأسبوعية.