قلت هذا عن شكري وأنا لم أضع يدي في يده منذ سنة ١٩١٩ إلى اليوم لأني لا أحمل له ضغنًا أو أنطوي له على حفيظة فما أحمل له أو لغيره شيئا من هذا القبيل بل لأنه هو شاء أن ينأى ويبتعد ولست أستطيع أن أطارد أحدًا بصداقة لا يريدها, وأنا امرؤ ينسى المعركة بعد انتهائها يستوي في ذلك أن أكون غالبا أو مغلوبا.
فإذا كنت غالبا لم أره أو كنت مغلوبا لم أتحسر ولم أحقد, وبحسبي أن أكون قد بذلت جهده كله ولم أدخر منه شيئا.
ولو كان شكري يذهب مذهبي في الحياة لما منعه شيء من أن يصافحني بعد أن وضع السلاح وانقطع الكفاح, ولماذا يظل الناس متنافرين طول العمر.
وإنما كتبت هذا الكلام الكثير لأني أحب شكري وأجله ولأني نادم على ما صنعت به تائب من ذنبي إلى الله ومعه وله أن يصدق أو يرتاب فما لي فيه مطمع ولقد حاولت أن أكفر عما أسأت به إليه وأن أجره إلى الدنيا مرة فأبى وقال: اتركني ولا تنبش قبري وحسبي ما لقيت منك فأقصرت ونفضت يدي يائسا.
وإنه لسخيف من الدكتور رمزي مفتاح أن يخوض فيما لا يعلم وأن يكتب عن العقاد وعني وما كتب ولست أظن العقاد مباليه.
ويحسن أن أنبه إلى أن الأستاذ العقاد لا ذنب له فيما وقع بيني وبين شكري ولم يكتب حرفا واحدًا يسوء شكري ولقد كان فضله علينا أن أصلح ما أفسدناه.