فكرت في شعراء آخرين ليسوا عندنا ولا هم بين شعرائنا. ولكنهم يعيشون في أوربا، فكرت في جوت، فكرت في بول فاليري، وفكرت في ملتون.
كنا أيها السادة نشفق على الشعر العربي وكنا نخاف عليه أن يحل سلطانه عن مصر، وكنا نتحدث حين مات الشاعران العظيمان شوقي وحافظ، كنا نتحدث عن علم الشعر العربي المصري، أين يكون ومن يرفعه للشعراء والأدباء ليستظلون به.
كنا نسأل هذا السؤال، وكنت أنا أسأل هذا السؤال، لماذا؟ لأني كنت أرى هذه المكانة العظيمة التي اكتسبها شوقي وحافظ رحمهما الله، وكنت أرى شعر العقاد على علو مكانته وجلال خطره شعرًا خاصا مقصورًا على المثقفين المترفين في الأدب، وكنت أسأل هل آن للشعر القديم المحافظ المسرف في المحافظة أن يستقر وأن يحتفظ بمجده، وهل آن للشعر الجديد الذي يصور مجد العرب وأمل المصريين أن ينشط ويقوى، انتظرت فلم أجد للمقلدين حركة أو نشاطا فإذا المدرسة القديمة قد ماتت بموت شوقي وحافظ، وإذا المدرسة الجديدة قد أخذت تؤدي حقها, وتنهض بواجبها فترضي المصريين والعرب جميعا. وإذا الشعر الجديد يفرض نفسه على العرب فرضا، وإذا الشعور المصري والقلب المصري والعواطف المصرية أصبحت لا ترضى أن تصور كما يصورها حافظ.
وإنما تريد وتأبى إلا أن تصور تصويرا جديدا، هذا التصوير الذي ترونه في العقاد الذي حمل هؤلاء الملايين على إكبار العقاد كما قال أحد الخطباء إذن لا بأس على الشعر العربي وعلى مكانة مصر في الشعر والأدب.
ضعوا لواء الشعر في يد العقاد وقولوا للأدباء والشعراء: أسرعوا واستظلوا بهذا اللواء فقد رفعه لكم صاحبه.