للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنها الطبقات العليا في صناعة الكتابة الصحفية هي نفسها الطبقات السفلى في صناعة الشعر العالي، فإن الإلهام من فوقها يبدأ وكأنها الجاذبية الأرضية لا يتخطى حدودها من كانت طبيعته من الأرض وإن علا في طيارة أبعد ما يعلو وإلى أن يختنق.

فما يصنع الرجل شيئا أكثر من أن يضع يده على المعنى ثم يجهد في تقليبه وتقطيعه وتهشيمه وكثيرًا ما تقصر عبارته لضعفه في البيان واللغة فيرى أن ما كان في نفسه لايزال في نفسه مع أنه قد نظمه وتعب فيه فيعمد إلى الشرح يستعين به كأنه في طريق مقالة يترجمها أو يحصلها, ويأتي الشرح دليلا على أن هذه مطردة على ساقها بل هي ملفقة تلفيق المتن ينظم اعتمادا على أنه لا يقوم بنفسه ولا بد معه من شرح ولا بد مع إبهامه من تفسير.

٢- رد العقاد؛ سماسرة الأدب ١:

فأحد هؤلاء رجل منكوب يسمى إسماعيل أفندي مظهر كان يطبع في القاهرة مجلة تسمى العصور، علم هذا المنكوب الأول أنه يشبه العقاد وحجة الثاني أن يزول العقاد من صفحة الدنيا فلا يرى له شخص ولا يسمع له بخير، اكتب عن ابن الرومي فيكتب عن ابن الرومي واكتب عن بشار والمتنبي والمعري فيكتب عن بشار والمتنبي والمعري ولما حار في أمره ولم تغن عنه هذه المحاكاة الزائفة خطر له أن العقاد إنما اشتهر لأنه يكتب في صحيفة وفدية فتطوع هو الكتابة في زميلتنا كوكب الشرق عدة أشهر بغير جدوى فما شأن العقاد في نفس هذا المنكوب, هو بلا ريب كل شيء.


١ الجهاد ٢١ مارس ١٩٣٣.

<<  <   >  >>