فلو أنكم ذهبتم تقارنون بين العرب وبين الهنود والفرس والمصريين القدماء لما كان من حقكم أن تقدموا هذه الأمم في الأدب على الأمة العربية بحال من الأحوال, لأننا لا نكاد نعرف من آداب هذه الأمم في تاريخها القديم شيئا يقاس إلى ما بين أدبنا من الأدب الغربي.
فإذا أردت أن تقارن بين العرب والرومان فأظنك توافقني على أن الأدب العربي الخالص أرقى جدًا من الأدب الروماني الخالص، أي أن الأدب الروماني إنما ارتقى حقا حين أثر فيه الأدب اليوناني، فالرومان تلاميذ اليونان في الأدب والفن والفلسفة والعرب يشبهونهم في ذلك, ولكن العرب كان لهم أدب ممتاز قبل أن يتأثروا بالحضارة اليونانية ولم يكن للرومان من هذا الأدب الروماني الممتاز حظ يذكر.
وقد تفوق الرومان في الفقه ولكنهم لم يسبقوا العرب في هذه الناحية من نواحي الإنتاج، ولعل الأمة الوحيدة التي يمكن أن تشبه الرومان في الفقه إنما هي الأمة العربية.
لم يبق إذًا إلا أدب اليونان هو الذي يمكن أن يقال فيه أنه متفوق على الأدب العربي حقا، ولكن من الذي يقيس رقي الأدب في أمة من الأمم برقي الأدب في أمة أخرى.
وليس من شك أن الأدب العربي قد صور حياة العرب تصويرًا صادقًا فأدى واجبه أحسن الأداء، وكل ما يؤخذ به الأدب العربي القديم وهو أنه لا يصور حياتنا نحن الآن.
وأنت تميز اليونان بالحركة وتميز العرب بالسرعة وتستنبط من هذه السرعة ظلما كثيرًا للعرب. كما فعل ابن خلدون من قبل، وليس من شك