للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجمال, وعلى الذين يصنعون الجمال أن ينطووا على نفوس جميلة، وأنا الذي لا يختلط بالناس والأدباء إلا قليلا لما في طبيعتي من وحشة وكآبة أشكو منهما تجدني مع ذلك أحب الأدباء وأقدرهم ولا أقول فيهم قولة سوء؛ غير أني أيها الصديق العزيز وأنت تأخذ كلمتي على أنها موجهة إليك قد ذكرت لي أسباب ظنك فتحريتها بعد انصرافك، فاتضح لي أنك على حق وأن الكلمة ينبغي أيضا أن تنصرف إليك فقد تستعمل أداة التعظيم في مخاطبة الزملاء من الأدباء فماذا يضجرك أن أشكو منك ومن كل أديب يسهو عن واجبات التواضع والمودة والمحبة التي تؤلف بين نفوس الأدباء جميعا ويجعل منهم دولة متحدة مقرها حديقة الصفاء الغناء.

وليسمح لي الدكتور بأن أوجه إليه كلاما وجهته إلى الأستاذ أحمد أمين منذ ستة أعوام فقد تثمر بهمته ما فيه من فكرة خيرة, لقد قلت وقتئذ: لا شيء في الوجود أقوى من الابتسامة ولكن من ذا الذي أعطى القدرة على الابتسام الصافي الجميل في كل موقف وفي كل حين أهو الجبار وحده، ألا ترى معي الجبروت إنما هو الصفاء.

"إذا أردت أن تسلك طريق السلام الدائم، فابتسم للقدر إذا بطش بك ولا تبطش بأحد" تلك كلمة لعمر الخيام فإن كنت في رأي من هذا فإن لي عندك حاجة "أن تنثر معي تلك الابتسامة بين الأدباء فإن الأدب شيء جميل؛ هو جنة لا صخب فيها وهو معبد لا تدخله الأحقاد، وأن ظاهرة في أدبنا أنه لا توجد فيه صداقات عظيمة جديرة بأن يتحدث عنها تاريخ الأدب، ما الذي يعوزنا نحن؟ أهو شيء في الخلق؟ أم ضعف في النفس؟ أم هو نقص في الصحافة؟ لست أعلم.

<<  <   >  >>