للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلى تعليق طويل لأنها تمس قضية أدبية تحدث في جميع الآداب في كل زمان، تلك هي قصة الناقد والكاتب, فقد ذكر الأستاذ العقاد أني أنكر أن الدكتور طه رفع من شأني بما كتب عني، وأنا حقا أنكر ذلك كل الإنكار ومن يحرص على كرامة الفن لا يسعه أن يقول غير هذا القول, فما من مخلوق على الأرض يرفع أو يخفض من شأني غير فني, ولما ترجم هذا الفن أو بعضه إلى لغات أجنبية وجد من أعلام نقادها من يرفع شأنه كما وجد من اللغة العربية طه وأمثاله.

فالفن هو الذي يكرم نفسه أو يمتهنها في كل مكان وزمان يحل فيهما. حقا؛ إن الدكتور طه حسين استقبل كتاب أهل الكهف استقبالا رائعا، ولكن لا ينبغي أن ننسى غيره، فبمراجعة تاريخ الحوادث يتضح أن أول من نوه بالكتاب تنويها جميلا كان الشيخ مصطفى عبد الرازق ثم الأستاذ المازني ثم الأستاذ العقاد على هذا الترتيب, فلما اطمأن طه حسين إلى آراء هؤلاء أقبل فصاح صيحته المشهورة كأنها صيحة "يوحنا المعمدان" وهو يبشر بالمسيح فقد قال بهذا النص: "أما قصة الكهف فحادث ذو خطر لا أقول في الأدب العربي المصري وحده بل أقول في الأدب العربي كله وأقول هذا من غير تحفظ ولا احتياط وأقول هذا مغتبطا به مبتهجا له، وأي محب للأدب العربي لا يغتبط ولا يبتهج حين يستطيع أن يقول وهو واثق بما يقول: إن فنا جديدًا قد نشأ فيه وأضيف إليه, وأن بابا جديدًا قد فتح للكتاب وأصبحوا قادرين على أن يلجوه وينتهوا منه إلى آماد بعيدة رفيعة ما كنا نفكر أنهم يستطيعون أن يفكروا فيها الآن". نعم هذه القصة حادث ذو خطر يؤرخ في الأدب العربي عصرًا جديدًا.

<<  <   >  >>