فيه الناقدون، وهو على ذلك كله أب وزوج لا يبخل على أسرته بحقها عليه، وهو صديق لا يبخل على أصدقائه بحقوقهم، وهو رجل له مكانته الظاهرة في حياتنا الاجتماعية والسياسية وهو ينهض بما تستتبعه هذه المكانة من حقوق وواجبات، والغريب مع هذا كله أنك تلقاه فإذا رجل هادئ مطمئن كأنه أفاق منذ حين قصير من نوم مريح فهو لم ينشط كل النشاط بعد ولكنه بعيد عن الجمود والفتور ولا تكاد تتحدث إليه دقائق حتى يفتنك ويروعك فكأنك تتحدث إلى جني ولكنه جني عذب الروح لذيذ الحديث.
لم أجد في الكتاب شيئا جيدا وأرجو ألا يغضب هيكل فالكتاب كله جديد ولكني أعرفه لا لأني قرأت كثيرا من فصوله، بل لأني قرأته وسأقرؤه كله في هيكل كلما لقيته أو تحدثت إليه، وأظلم هيكل، وأظلم نفسي إن قلت إني راض على كتابه كل الرضا فهيكل من أصحاب المعاني بين الكتاب وإنه يهمل لغته إهمالا شديدا ويتورط في ألوان من الخطأ واضطراب الأسلوب، يدنيه أحيانا من الابتذال، والغريب أنه لا يضيق بذلك ولا يجد به بأسا ولا يعترف بأنه يسيء إلى نفسه وإلى أدبه معا.
رد هيكل:
ويأخذ هيكل في عرض موجز للكلمات التي سبق أن كتبها طه مثنيا على أسلوبه وأدبه من قبل عندما صدر في أوقات الفراغ ١٩٢٦ حيث تقول: كذلك كنت منذ عشرين سنة أو نحو ذلك حين كنت تكتب في الجريدة وكذلك أنت الآن, وإن يكن قد جد شيء فهو فهمك, ازددت فيما أنت فيه من القوة ثباتا ورسوخ قدم، وأنك استطعت أن تملك اللغة العربية وتسخرها لأغراضك، وقد كانت تستعصي عليك وتنتهي