وكان لخصومتك الصورية تأثير في الدكتوراه التي ظفرت بها للمرة الثالثة فلم أصل إليها إلا بعد جهاد سبع سنين.
٥- هل تذكر يا دكتور ما وقع في نوفمبر ١٩١٩:
هل تذكر ما وقع يوم غاب سكرتيرك، وكنت وحدي الطالب الذي يفهم العبارة الفرنسية لكتاب الأثينيين لأرسطو؟ هل تذكر أنك أعلنت سرورك بأن يكون في طلبة الجامعة المصرية من يفهم أسرار اللغة الفرنسية؟ فمن يبلغك أن الشاب العربي أدخل السرور على قلبك في ١٩١٩ هو الكهل الذي تنكره سنة ١٩٤٠؟
أنا أعرف ما تكره مني, أنت تكره الكبرياء وكيف أتواضع وقد أعانني الله على بناء نفسي؟ وكيف قد أقمت الدليل على أن الشباب المصري خليق بعظمة الاعتماد على النفس؟ وهل رأيت رجلا قبلي أتم دراسته في أوربا وهو مثقل بتكاليف الأهل والأبناء؟ هل رأيت رجلا قبلي يهتز بأوطار الشباب وهو مثخن بجراح الزمان بعد الأربعين؟ وهل رأيت رجلا قبلي يؤلف الكتب الجيدة في البواخر والقطارات والسيارات؟
ومن يصدق أني أنفق في سبيل الورق والمداد أضعاف ما ينفق بعض الناس في سبيل الطعام والشراب؟
أحمد الله إليك "من مبارك إلى طه" ١:
في شهر يوليو ١٩٢٨ تلقيت وأنا في باريس خطابا من الدكتور طه حسين جاءت فيه عبارة "أحمد الله إليك" فالتفت ذهني إلى هذه العبارة لأنها لم تكن من العبارات المألوفة في رسائله إلي.